التربية
والوحدة الوطنية
(دراسة
تحليلية نقدية لقضايا الوحدة في التشريعات التربوية اليمنية)
د. أحمد غالب
الهبوب
كلية التربية
– جامعة إب – اليمن
2007
التربية
والوحدة الوطنية
دراسة
تحليلية نقدية لقضايا الوحدة في التشريعات التربوية اليمنية
د. أحمد غالب الهبوب
(ملخص
الدراسة)
هدفت الدراسة إلى تحليل العلاقة بين التربية والوحدة الوطنية كما رصدتها
التشريعات التربوية للنظام التربوي في اليمن, وذلك من خلال:
-
التعرف على دور التعليم في ترسيخ الوحدة الوطنية,
- التعرف على أبرز خصائص التشريعات
التربوية وأهميتها في توجيه النظام التربوي نحو ترسيخ الوحدة الوطنية,
-
تحليل القضايا الوحدوية الواردة في التشريعات التربوية للنظام التربوي في
اليمن .
ولتحقيق هذه الأهداف استخدم المنهج الوصفي التحليلي
النقدي الذي يقوم على عملية تحليل قضايا الوحدة المتضمنة في التشريعات التربوية
اليمنية في ضوء بعض المعايير المعتمدة في تقويم التشريعات التربوية. واتخذت الدراسة المسارات الآتية :
المسار الأول: ويتمثل في تحديد الإطار العام للدراسة,
المسار الثاني: ويتمثل باستعراض الخلفية النظرية
للعلاقة بين التربية والوحدة من خلال التشريعات التربوية,
المسار الثالث: ويتمثل بتتبع الخلفية التاريخية
للقضايا الوحدوية كما رصدتها التشريعات التربوية اليمنية الصادرة قبل الوحدة,
المسار الرابع: ويتمثل بتحليل القضايا الوحدوية كما وردت
في قانون التعليم لدولة الوحدة,
المسار الخامس: ويتمثل بتقديم بعض التوصيات
والمقترحات اللازمة لتفعيل دور التشريعات التربوية في توجيه النظام التربوي نحو
ترسيخ الوحدة الوطنية.
وخلصت الدراسة إلى جملة من الاستنتاجات, أهمها ما
يأتي:
-
إن التشريع التربوي لدولة الوحدة يمثل قفزة نوعية في التشريع الحديث لكونه
أكثر استيفاء لمعايير منهجية بناء التشريعات, وأكثر استيعابا لقضايا الوحدة من التشريعات
التربوية السابقة,
-
وجود بعض جوانب القصور في قوانين التعليم فيما يتعلق باستيعابها لقضايا
الوحدة, أبرزها إن هذه التشريعات:
- لم تعط
قضايا الوحدة أولوية ترتقي إلى منزلة الوحدة وأهميتها المصيرية وتنسجم مع تلك
المكانة التي حظيت بها هذه القضايا في الدساتير اليمنية.
- ضعف تأثير هذه التشريعات
في واقع الممارسات الميدانية,
- جمود
التشريعات التربوية المعلنة, حيث لم يسر عليها أي تعديل جوهري منذ إعلانها فيما يتعلق بقضايا الوحدة, على
الرغم من جسامة التحديات التي مرت وتمر بها الوحدة اليمنية.
واختتمت الدراسة بتقديم بعض التوصيات والمقترحات التي
يمكن أن تسهم في تفعيل دور هذه الأطر التشريعية في توجيه المؤسسة التربوية نحو
العمل على ترسيخ الوحدة اليمنية.
أولا: مدخل الدراسة
(أ) أهمية الدراسة:
تنبع
أهمية الدراسة الحالية من أهمية الوحدة الوطنية كونها هدفاً استراتيجياً تتعاظم
أهميته ولاسيما في العصر الراهن الذي تكاد تختزله ظاهرة العولمة لتحدد اختياراته
وتوجه مساراته بمالها من التبعات وما تفرضه من التحديات التي تأتي في طليعتها
ظاهرة التشظي والتفتت والهروب من كل الأشكال والصيغ الوحدوية في كثير من دول
العالم .وهو أمر يعكس إحدى مفارقات العولمة
( حمادة 2007,ص7). فكثير من الدول, ولاسيما النامية منها, تزداد اليوم
تشرذما بازدياد وتائر إقحامها في المجتمع العالمي.
إذ
تؤكد العديد من الدراسات والبحوث والفعاليات أنه إلى جانب انتشار نزعات التطرف
والعنف " والإرهاب " , فإن ظاهرة العولمة قد أفرزت تنامياً ملحوظا ً في
الانتماءات الفرعية (القبيلة ـ الدينية ـ الطائفية ـ الاثنية ـ المناطقية..الخ )
والإخفاق في حل معضلة الاندماج والوئام الاجتماعي والسياسي والثقافي , وضعف فاعلية
المؤسسات المعنية بترسيخ الوحدة الوطنية ولاسيما المؤسسة التربوية التعليمية , وقد
نجم عن ذلك تفكك بعض الدول بالفعل , كما أن هناك دولاً أخرى تواجه خطر التفكك في
الوقت الراهن وتزداد مخاطر هذا التشظي والتفكك في دول العالم الثالث ولاسيما الدول
العربية والإسلامية ( إبراهيم , 1999, ص 313), (الحاج, 2007, ص203).
لذلك,
تحرص دول العالم كافة عبر مؤسساتها المختلفة على السعي الحثيث نحو ترسيخ وحدتها
الوطنية. وتلعب المؤسسات التعليمية دوراً بارزاً في الوفاء بهذه المهمة الوطنية
العظيمة, ( الحاج ,2007, ص202). غير أن وفاء المؤسسة التربوية بهذه المهمة إنما هو
مرهون في الأساس بمدى فاعلية الموجهات الفكرية وسلامة البنية التشريعية الحاكمة
لمسارات المؤسسة التعليمية. إذ يؤكد العديد من البحوث والدراسات والفعاليات أن
نجاح العملية التربوية في ترسيخ الوحدة الوطنية يعتمد في الأساس على مدى استنادها إلى
بنية تشريعية سليمة تحدد اختياراتها وترسم مساراتها نحو القيام بهذه المهمة النبيلة.
فقد جاءت قضايا الوحدة الوطنية في طليعة
الأهداف المركزية لإستراتيجية إصلاح التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية (America,2000) , كما انطلقت أبرز إجراءات
تنفيذ تلك الإستراتيجية من إعادة النظر في التشريعات والقوانين الناظمة لسير
العملية التربوية,USA, Dep't. Of ED. 1990, P.5) ).
وتحرص
التشريعات التربوية في البلدان العربية على أن تستوعب القضايا الوحدوية في طليعة
موادها وبنودها القانونية, على اعتبار أن الوحدة الوطنية تمثل قاعدة الانطلاق نحو
تحقيق الوحدة العربية الشاملة ( الحلي, 1986, ص120)
مع
ذلك نجد البون شاسعا بين ما أعلنته التشريعات التربوية العربية من أسس ومبادئ
وأهداف وحدوية وبين ما يدور في واقع الممارسات. فقد أوصت دراسة حنا (1979) بضرورة
ترجمة الأهداف التربوية المعنية بقضايا الوحدة العربية إلى مضامين وممارسات في
واقع العمل التربوي على اختلاف مراحل التعليم وتعدد أنواعه, (حنا,1979,ص 66). كما
نوهت إستراتيجية تطوير التربية العربية إلى أن التشريعات التربوية العربية تعاني
من نزعة تراكمية وقواعد قانونية متشعبة وجامدة بل ومتضاربة فيما يتعلق بقضايا
الوحدة الوطنية والعربية. لذلك تدعو الإستراتيجية إلى إعادة النظر في هذه
التشريعات بما يضمن لها التقارب والانسجام في استيعاب هذه المضامين الوحدوية
والفاعلية في تحريك وتوجيه المواقف التربوية نحو مزيد من التقارب والتمثل لمضامين
الوحدة, (الشريف وآخرون, 1979,ص 50).
ويشير
تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني 2004 إلى أن المشكلة البنيوية الأساسية
الكامنة في حركة التشريع في الوطن العربي تتمثل أولاً في أن القوانين لا تجسد
الواقع , وذلك ما أضعف فاعليتها وأفقدها وظيفتها , وتتمثل ثانياً في الهوة الشاسعة
بين الأهمية النظرية المعطاة للقوانين وبين تعطيل هذه القوانين على مستوى الممارسة
تحت ذرائع متعددة ( التقرير, 2004, ص149).
وعلى
المستوى الوطني , ظلت الوحدة اليمنية, بل والوحدة الوطنية محل اهتمام متنامي تبلور
في مسارين : تمثل الأول في الاهتمام الرسمي, حيث حرصت الدولة على استيعاب القضايا
الوحدوية في مجمل التشريعات الناظمة والحاكمة لمختلف الأجهزة الرسمية ولاسيما
التشريعات التربوية . كما جاءت القضايا الوحدوية في طليعة الأهداف الإستراتيجية
الموجهة للرؤية الإستراتيجية لليمن 2025,( وزارة التخطيط, الخطة الخمسية الثانية,
ج1, ص 61).
وتؤكد
جميع الفعاليات الرسمية وغير الرسمية على ضرورة أن تكون التشريعات وعلى اختلاف
مستوياتها متحركة ومرنة وخاضعة للتعديل والتطوير بما يضمن لها مواكبة التجديدات
ومواجهة التحديات ولاسيما في استيعابها لقضايا الوحدة . إذ ترفع الحكومة اليوم
شعار" تكريس ثقافة الوحدة وواحدية ثقافة الشباب" استشعارا منها لمواجهة
تفشي ظاهرة الاستقطاب الفكري وبث روح الفرقة والصراع في أوساط العامة ولاسيما بين
الشباب.
كما
ظلت الوحدة محل تحليل ونقاش مستفيض من قبل الباحثين, تبلور في كثير من الدراسات والبحوث
والفعاليات التي كرست لإبراز أهميتها الإستراتيجية والأمنية لليمن ولجيرانه. غير
أن القليل من هذه الجهود الأكاديمية ما كرس لتقصي دور التعليم والتشريعات الحاكمة
لمساراته في استيعاب هذا الحدث المصيري. فقد أوصت دراسة الذيفاني بضرورة تفعيل
قانون التعليم فيما يتعلق بقضايا الوحدة اليمنية ( الذيفاني ,2001 ,ص94 ).
وأوصت
دراسة ( محمد 2007, ص41) بضرورة تكريس
العديد من الدراسات والبحوث حول قضايا الوحدة اليمنية. وعليه يمكن بلورة الحاجة
إلى هذه الدراسة بالمسوغات الآتية :
-
أنها تأتي متساوقة مع جهود التطوير والإصلاح الشامل للنظام التربوي في
اليمن.
- أنها تأتي في وقت تشهد فيه الوحدة
اليمنية, بل والوحدة الوطنية تحديات داخلية وخارجية تستوجب التصدي لها من خلال
تقصي أسبابها واقتراح الآليات المناسبة لمواجهتها .
- أنها تأتي لسد ثغرة علمية وفجوة
معرفية تتمثل في الندرة الملحوظة في الدراسات والبحوث التربوية المكرسة لتقصي دور
التعليم في ترسيخ الوحدة.
(ب)
مشكلة الدارسة :ـ
على
الرغم من تنامي الاهتمام بالوحدة اليمنية والسعي الحثيث نحو ترسيخ الوحدة الوطنية
, والحرص على توفير الأطر التشريعية والقانونية الناظمة والحاكمة لمختلف أجهزة
الدولة ومؤسساتها وتوجيهها نحو استيعاب قضايا الوحدة ومضامينها وأبعادها , وعلى
الرغم من مرور سبعة عشرة عاما ً من تحقيق الوحدة وتنامي الجهود الحثيثة نحو
ترسيخها والحفاظ عليها , ولاسيما عبر المؤسسات التعليمية والتربوية, غير أن الوحدة
اليمنية قد واجهت وتواجه اليوم العديد من التحديات المصيرية التي تأتي في طليعتها
تفشي مظاهر الانتماءات الفرعية ماثلة في النزعات المناطقية والطائفية والقبلية ,
ووقوع الكثير من الشباب فريسة للاستقطاب الفكري والمذهبي وغير ذلك من مظاهر بث روح
الفرقة والصراع بين أوساط العامة ولاسيما بين الشباب .
وهي
أمور ترجع أساساً في كثير من جوانبها كما يعتقد الباحث إلى ضعف فاعلية المؤسسات
التربوية التعليمية , وافتقارها إلى الأطر التشريعية الحاكمة لاختياراتها والناظمة
لمساراتها نحو ترسيخ الوحدة اليمنية وتكريس ثقافة الوحدة الوطنية, بصفتها أهم مؤسسات
المجتمع، إن لم تفقها أهمية على الإطلاق في الوفاء بهذه المهمة الوطنية المصيرية.
لذلك يعتقد الباحث أن المؤسسة التربوية التعليمية في اليمن أضحت اليوم أكثر من أي
وقت مضى معنية بمراجعة بنيتها التشريعية ومهامها وأدوارها الوطنية ولاسيما فيما
يتعلق بتفعيل دورها في ترسيخ الوحدة اليمنية. وعليه يمكن بلورة مشكلة الدراسة
بالسؤال الآتي: ما واقع القضايا الوحدوية كما رصدتها التشريعات التربوية لنظام
التعليم في اليمن ؟
(ج)
أهداف الدراسة :ـ تهدف الدراسة إلى التعرف على طبيعة العلاقة بين التعليم
والوحدة الوطنية وذلك من خلال:
- التعرف على أبرز خصائص التشريع
التربوي ومدى أهميته في توجيه مساراتها التربية والتعليم نحو ترسيخ الوحدة الوطنية.
- تحليل القضايا الوحدوية كما رصدتها
التشريعات الصادرة قبل الوحدة اليمنية
- تحليل القضايا الوحدوية كما وردت
في القانون العام للتربية والتعليم لعا م
1992.
- تقديم بعض التوصيات والمقترحات
التي يمكن أن تسهم في تفعيل دور الأطر التشريعية في ترسيخ الوحدة الوطنية .
(د) حدود الدراسة
:ـ تقتصر الدراسة على عملية تحليل القضايا الوحدوية المتضمنة في
التشريعات التربوية المعلنة في اليمن ماثلة بقوانين التربية والتعليم: قانون التعليم
رقم (26) لعام 1972 وقانون التعليم رقم (22) لعام 1974 وقانون التعليم رقم (45)
لعام 1992.
(5) مصطلحات الدراسة:ـ القضايا الوحدوية: يقصد بالقضايا الوحدوية في
هذه الدراسة النصوص والعبارات المتعلقة بترسيخ الوحدة اليمنية وغرس قيم الوحدة
الوطنية المتضمنة في قوانين التربية والتعليم في اليمن، وما ارتبط بها من اللوائح.
- التشريعات
التربوية:
- يعرف معجم مصطلحات العلوم
الاجتماعية التشريع Legislation)) بأنه مجموعة القواعد
القانونية التي تسنها وتصدرها السلطة التشريعية في الدولة, (بدوي, 1978).
- يعرف التشريع بأنه مجموعة
القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية لتنظيم شؤون أجهزة الدولة في
جوانبها المختلفة, (البسام, 1975, ص13).
- يعرف التشريع بأنه المبادئ
القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية و المستمدة من الأحداث والظروف والمشكلات
والتحديات التي يعيشها المجتمع وتحتاج إلى المعالجة والتنظيم, ( المولي, 1985,ص
81)) .
وعليه فإن التشريع التربوي يقصد به
في هذه الدراسة مجموعة القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية لتحديد
الأطر المرجعية والهياكل التنظيمية الموجهة للمؤسسة التعليمية والمتمثلة بقوانين التربية
والتعليم .
(و) منهجية الدارسة :ـ
استخدمت الدراسة المنهج الوصفي
بأسلوب التحليل الوثائقي النقدي الذي يقوم على عملية تحليل للمضامين (القضايا)
الوحدوية الواردة في التشريعات القانونية التربوية المتمثلة بقوانين التربية والتعليم
المعلنة في اليمن وذلك في ضوء جملة من المعايير المعتمدة في تقويم وتحليل التشريعات
التربوية، سواء ما يتعلق بعملية بنائها وصياغتها أو ما يتعلق بإجراءات تنفيذها .
وفي ضوء هذه المنهجية اتخذت الدراسة المسارات الآتية :ـ
المسار الأول:ـ ويتمثل باستعراض
الأطر النظرية المعنية بتحليل العلاقة بين التربية والوحدة الوطنية.
المسار الثاني:ـ ويتمثل باستعراض
الخلفية النظرية المتعلقة بالتشريعات التربوية واستنباط المعايير المعتمدة في
تقويم وتحليل هذه الأطر القانونية.
المسار الثالث:ـ ويتمثل بتقصي
الخلفية التاريخية للعلاقة بين التربية والوحدة في اليمن كما رصدتها التشريعات
التربوية الصادرة قبل إعلان الوحدة اليمنية.
المسار الرابع:ـ ويتمثل بتحليل
القضايا الوحدوية, سواء المتعلقة بالوحدة اليمنية أو المتعلقة بالوحدة الوطنية,
كما وردت في آخر صيغه لها في القانون العام للتربية والتعليم رقم (45) لسنة 1992.
المسار الخامس :ـ ويتمثل باستخلاص
جملة من الاستنتاجات والتوصيات الإجرائية التي يمكن أن تسهم في تفعيل دور
التشريعات التربوية في ترسيخ الوحدة الوطنية .
ثانيا: الخلفية النظرية
(أ) التربية
والوحدة الوطنية:
لقد شُغلت المجتمعات بالبحث في التربية ووسائلها،
وعنى المفكرون والعلماء بتحديد أهدافها ووظائفها ، وتباينت الآراء في تحديد تلك الموجهات تبعاً للمرحلة التاريخية
والاتجاهات السياسية والمنزلة الحضارية والتحديات العصرية التي تمر بها المجتمعات
الإنسانية ( الهبوب، 2000، ص23) ومع ذلك ومهما تكون أهداف التربية ، ومهما تتباين
الأفكار وتختلف الأقطار حول طبيعة أهداف التربية ، فإن هدف الأهداف التي تحكم
العملية التربوية، يظل دوماً وأبداً تمكين الفرد من تحقيق وجوده الذاتي . غير أن
مثل هذا الهدف الأسمى للتربية لا يتحقق إلا عن طريق الربط الوثيق بين عمل الفرد لنفسه
وبين عمله لمجتمعه، وبالتالي لوطنه وأمته. وقد ترتب على ذلك أن صارت التربية حق
شرعي للمواطن، كونها تعده لممارسة حقوقه وأداء واجباته وتحمل مسؤولياته, كما صار
المجتمع ممثلا بالدولة مسئولا عن توفير فرص التعليم لجميع الأفراد لما فيه منفعتهم
الذاتية وبما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية ويساعد في ترسيخ الوحدة الوطنية ويلبي
مطالب التنمية المجتمعية, ذلك أن الوحدة هي عملية اجتماعية بالضرورة. وعليه فان
الدولة بهذا الإقرار تجعل التربية شرطا أساسيا للمواطنة الصالحة ومرتكزا رئيسيا
لترسيخ الوحدة الوطنية, (رضا, 1990,ص 89) , (الحلي ومهدي,1986,ص114). وهذه حقيقة
علمية تؤكدها الادلة التاريخية وتؤيدها التجارب العصرية وتسندها الدراسات النفسية
والتربوية والاجتماعية ( عبد الدائم,1988ص10) .
فقد كان أحد أبرز وظائف التربية منذ القدم وحتى
العصر الراهن تتمثل بالوظيفة الاجتماعية/السياسية التي ينظر إليها من خلال فاعلية
دور المؤسسة التعليمية في ترسيخ الوحدة الوطنية ( رشوان 2005, ص14) وبات مما لا جدال فيه أن تحقيق أية
سياسة وطنية أو أي هدف اجتماعي أو وطني لا يمكن أن ينفذ ويتحقق على خير صوره إلا
بواسطة المؤسسة التربوية التعليمية, (الحلي ومهدي, 1986, ص114). بمعنى آخر إن كل
سياسة عامة وكل هدف وطني وكل مشروع استراتيجي لا تتبناه المؤسسة التربوية ولا توضع
له التشريعات الحاكمة والناظمة لن يخرج من دائرة الأماني ، ولن يتعدى مرحلة أحلام
اليقظة (Villegas-Reimers, 1997, P.235). فالمشروع الوحدوي باعتباره
أبرز المشاريع الإستراتيجية لأي دولة إنما يرتبط تنفيذه والحفاظ عليه بالفعل عبر
المؤسسة التربوية بصفتها أبرز المؤسسات الساعية لتنمية الشعور بالوحدة والانتماء
والولاء للوطن عبر ما يعرف بالتنشئة الاجتماعية عامة والتنشئة السياسة خاصة (
الملحم, 1984, ص 11 ), (محفوظ, 2004,ص 112) .
وبالتالي فإن
المشروع الوحدوي يرتبط تنفيذه ونقله من حالة الوجود بالقوة إلى حالة الوجود بالفعل
عبر المؤسسة التربوية التعليمية, على اعتبار أن المشروع التربوي هو مشروع سياسي
مؤجل. بمعنى أن المشروع السياسي يستند في
تحقيقه على المشروع التربوي. وعليه, فإن الإصلاح السياسي يعتمد في الأساس على
الإصلاح التربوي . وهذا ما أكدته الحكمة الإنسانية وأيدته الشواهد التاريخية كما
تفرضه التحديات العصرية. فقد أكد الكثير من
الفلاسفة والمفكرين أمثال أفلاطون وأرسطو
وفيخته وهيغل وجوته وهوراس مان وديوي ومحمد عبده وساطع الحصري.. على ضرورة قيام
التعليم بهذه المهمة الوطنية المصيرية, (عبد الرحيم, 1984, ص26).
ومن شواهد
التاريخ أن المعجزة اليابانية منذ عصر الإمبراطور ميئجي (Meiji) (1867) التي وضعت اليابان في طليعة
الدول المتقدمة، إنما ترجع في الأساس إلى فاعلية دور المؤسسة التربوية اليابانية
في ترسيخ الوحدة الوطنية وجعل الثورة العلمية الصناعية تسير جنباً إلى جنب مع
الثورة الخلقية والوحدة الوطنية التي جعلت الأفراد يدأبون في سبيل ترسيخ وحدتهم
الوطنية والإعلاء من منزلة اليابان الحضارية . ولعل هذا ما جعل النظام الاقتصادي
الياباني حتى اليوم نظاماً فريداً من نوعه يكاد ينعدم فيه الصراع الطبقي ( عبد
الدائم,1988، ص11)
ويتعاظم دور
الوحدة الوطنية لدول العالم كافة في هذا
العصر الذي تحكم مساراته ظاهرة العولمة بما تفرضه من التحديات وما لها من التبعات التي
تنعكس آثارها في ظاهرة تفتت لكثير من الكيانات الوحدوية وانهيار العديد من النظم
السياسية ، وتفشي ظاهرة الانتماءات الفرعية المهددة للوحدة الوطنية لكثير من دول
العالم ولا سيما في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر ( إبراهيم ، 1999، ص 313) .
ونظراً
لأهمية هذه القضايا الوحدوية في إطار تعقد المتغيرات الدولية وجسامة التحديات المصيرية
التي تواجهها الدول النامية على وجه التحديد ، فقد غدت هذه القضايا جديرة بأن تنال
أولوية رفيعة في سلم أولويات النظم التربوية تنسجم مع تلك الأولوية التي حظيت بها
هذه القضايا في الدساتير والتشريعات الرسمية بما فيها التشريعات التربوية. وذلك
لما للتعليم من دور فاعل في مواجهة عملية التفكيك للبنى المادية والذهنية التي
يتعرض لها الكثير من الدول ولاسيما الدول العربية, (مغيث, 1997, ص165),
وللوفاء بهذه
المهمة الوطنية, نصت الدساتير والتشريعات التربوية على تعزيز النظام التعليمي
بوشائج التوحد في النمط الثقافي الذي ينبغي أن يقدم إلى الأجيال الناشئة بغض النظر
عن اختلاف البيئات الاجتماعية والظروف الاقتصادية المؤثرة في حياتهم. لذلك تقدم
مناهج تعليمية موحدة في مراحل التعليم العام ولا سيما في مرحلة التعليم الأساسي.
بل إن ما يوجد من فصل بين التعليم الثانوي
العام ( علمي ـ أدبي ) والتعليم الفني والمهني، إنما هو فصل تعسفي ضار بالمتعلمين
وبالمجتمع ولا سيما في ظل متطلبات العصر وتحديات المستقبل ( إبراهيم, 1999, ص 101)
.
ولكي تتمكن
المجتمعات من الحفاظ على منزلتها الحضارية ومكانتها التاريخية، وهويتها الثقافية
تحرص في الأساس على أن تكون وحدتها الوطنية حية في البنى الثقافية والوجدانية
لأبنائها من خلال مدهم منذ النشأة الأولى بغذاء عقلي مشترك وتطبعهم بطابع فكري
شامل وتنمي لديهم اتجاهات وقيم متجانسة في مرحلة عمرية مبكرة، إبقاء على تماسك نسيجها الاجتماعي ومحافظة عل كيانها
ووحدتها الوطنية,( آل حمادة,2007,ص3) .
غير أن قيام
العملية التربوية بهذه المهام الوحدوية على خير صورها إنما يرتبط في الأساس بمدى
توفر البنية التشريعية والقانونية المحددة لاختيارات العملية التربوية والموجهة
لمساراتها.
(ب) التشريعات التربوية:
1- أهمية التشريعات: يعد
التشريع من أهم مصادر القانون في العصر الحديث ، ويرجع تزايد الاهتمام بالتشريع
إلى تنامي الحاجة إلى توطيد سلطة الدولة وتشعب أنشطتها وعمق التحولات المجتمعية
الناتجة عن تعقد مطالب التنمية وجسامة التحديات التي تواجهها المجتمعات ولا سيما
في هذا العصر . فالتشريع يعمل على توفير المرجعية القانونية الموحدة في الدولة
ويساعد بالتالي على إرساء أسس الوحدة الوطنية. فعند الشروع في تأسيس أي هيئة أو
مؤسسة في الدولة تبرز الحاجة الملحة إلى وضع أطر مرجعية وأسانيد قانونية تحكم عمل
هذه الهيئة أو المؤسسة وتقنن نشاطاتها . بل إن وضع إطار قانوني عام من هذا القبيل
يعد في العصر الراهن ضرورة ملحة لأي نشاط إنساني, (بنان وصدقة,1996, ص7) .
والتشريع- وإن
وضع وفقاً لظروف مصيرية واستجابة لأحداث تاريخية يمر بها المجتمع - فإنه ينبغي أن
يستجيب للتحديات العصرية والتطلعات المستقبلية .
وإذا كان
تنظيم النشاط وتقنين العمل شيئاً ضرورياً ولازماً لأي مؤسسة ، فإن وضع هذا الإطار
القانوني بالنسبة للمؤسسة التربوية التعليمية الرسمية ، يعد أشد ضرورة وأكثر
لزوماً ، بل إن البعض يرى أنه أمراً حتمياً حتى تضمن وجود سند قانوني ، ومرجع قيمي
عام لمجمل القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للعملية التربوية . ذلك أن البنية
التشريعية لأي نظام تربوي بما تعكسه من فلسفة تربوية وما يترتب عنها من المنطلقات
والمبادئ والأهداف والوسائل والإجراءات ، إنما هي انعكاس للأوضاع والقوى المؤثرة
في المجتمع باعتبارها امتداداً إجرائياً للتشريعات العامة للدولة.
لذلك توصف
التشريعات التربوية في كثير من الأحيان بأنها انعكاس للفلسفة الاجتماعية ، مثلما
هي انعكاس للأحداث الجارية والتحديات المفروضة والتطلعات المنشودة . وعليه فإن
التشريع التربوي كغيره من التشريعات يمثل
عملاً جماعي التوجه وطني النزعة لكونه يحدد مبادئ وأهدافاً وطنية (قومية) للتعليم
تعكس مجمل أراء الأمة وتعبر عن ضميرها وطموحاتها وتعكس تحديات المجتمع ومطالب
التنمية فيه ، كما أنها تحدد الأولوية التي تحكم مسارات العملية التربوية وتحدد
اختياراتها . والتشريعات التربوية وإن كانت مرتبطة بالواقع وإمكاناته وتحدياته ،
إلا أنها أيضاً تصدر عن مُثل ومبادئ عليا يجمع عليها أفراد الأمة وأحزابها
السياسية . فالتشريع عامة والتشريع التربوي خاصة ، يمثل ثوابت التطوير ومبادئ
التغيير .
وعليه فإن
التشريع التربوي في الدولة المعاصرة يمثل عنصراً تكوينيا ً في البنية التربوية
وأدائها بقدر ما يترجم عن فعل الإرادة السياسية في تعجيل عملية تقدم المجتمعات أو
تعويقها. فبموجب الأصول الدستورية والقانونية للنظم التربوية تتحدد مسؤوليات
الدولة نحو مواطنيها , كما تحدد حقوق هؤلاء المواطنين والكيفية التي يمكن بها بلوغ
تنفيذ هذه التشريعات على خير صورها . كما أن القصور أو التقصير في تنفيذ السياسة
التربوية يصبح أمرا قضائيا يمكن الترافع بشأنه أمام المحاكم. ذلك أن التشريع
التربوي الدستوري يخرج المشروع التربوي الوطني من طور ( الأعطية/ المنحة/ الهبة) إلى إطار
الحق السياسي المكتسب. وهذا يعني بدوره تقنين الحق التربوي بما يلزم الدولة أن
تعلن من المبادئ التربوية, كمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية, ويقاضيها إذا هي ظلت
قاصرة أو مقصرة عن توفير الموارد المادية والبشرية لتحقيق ذلك, ( رضا , 1990, ص
98).
2- مستويات التشريع:
التشريعات عامة ، تختلف تبعاً لطريقة سنها ودرجة
قوتها وأهمية بنودها لتتوالي في مستويات ثلاثة متتابعة على النحو الأتي:
(مهدلي,1998,ص79)
- التشريع الأساسي: ويتمثل بالدستور(Constitution) الذي يأتي في قمة الهرم التشريعي كونه أهم الوثائق
التشريعية. وهو تشريع يحدد أسس بناء الدولة وشكل نظام الحكم فيها ويعنى بتوزيع السلطة وتحديد حقوق الأفراد
وواجباتهم, (الكبسي, ص5) . وبما أن الدستور يحتوي فقط على الأسس والمبادئ العامة كخطوط
عريضة لتنظيم شؤون الحكم في الدولة, كان لابد من أن يتبع هذه الوثيقة التشريعية
الهامة قوانين مستقلة تفسر القواعد الدستورية وتنقلها إلى مرحلة أكثر إجرائية
(شيحا , 1982,ص12).
-
التشريع العادي : ويتمثل بالقوانين (Laws) ، ويأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور ، وتسنه السلطة
التشريعية في حدود اختصاصها المبين في الدستور ، ويشمل جميع القوانين المنظمة
لشؤون الدولة . والقانون بالمعنى العام ( Law ) هو مجموعة
القواعد الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد وتحدد العلاقات العامة بالمجتمع. أما
القانون بالمعني الخاص ( Act ) والذي
نقصده في هذه الدراسة فهو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية
لتنظيم جهود العاملين في أحد أجهزة الدولة مثل القانون العام للتربية والتعليم.
-
التشريع الفرعي: ويتمثل باللوائح(Regulations) التي تأتي
في أدنى الهرم التشريعي واللوائح كالقوانين التي تنطوي على قواعد عامة، وإن كانت
تختلف عنها لكونها أقل مرتبة وأكثر إجرائية وتفصيلاً. ومن اللوائح المنبثقة عن
قانون التعليم ، لائحة الأسس والمنطلقات العامة للمناهج .
وهذا التسلسل التشريعي يقتضي التقيد به وعدم المخالفة (التجاوز) له من جانب
التشريع الأدنى للتشريع الأعلى . إذ يتم التعبير عن هذه الهرمية من خلال مبدأين
رئيسين :
-
مبدأ شرعية اللوائح أو قانونية اللائحة ، وهذا يعني أن تكون اللائحة متفقة
مع القانون .
-
مبدأ دستورية القوانين واللوائح . أي موافقتها للدستور, وعدم تعارضها معه,(Card (et al),1974, P77).
3- خصائص التشريعات:
لكي تصبح
القاعدة التشريعية مصدراً رسمياً ملزماً للمعنيين بتطبيقها والعمل بنصوصها،
واعتمادها أداة فاعلةٍ في تحديد اختيارات العملية التعليمية ورسم مساراتها، لا بد
من توافر جملة من الخصائص في التشريعات، لعل أبرزها ما يلي:
- الاتساق التشريعي : وتتمثل هذه
الخاصية في استيفاء التشريعات لمقومات
البناء التشريعي ، بحيث تستكمل عملية سنها أو تقنينها بحسب مراحل تسلسلها التشريعي
. إذ ينبغي أن تنبثق قوانين التعليم من التشريع الأعلى ممثلاً بالدستور، لتأتي
اللوائح من روح القوانين وبما يضمن لهذه التشريعات عدم التضارب في بنودها بحيث لا
يخالف قانون التعليم الدستور، ولا تأتي اللوائح بقواعد تتعارض مع القانون أو الدستور.
- المصداقية: وتعني أن ينال
التشريع إجماع الأغلبية اللازمة المفوضة بإصداره، وأن ينال رضا القيادة السياسية.
ذلك أن التشريع يمثل عملاً جماعي التوجه وطني النزعة ، بحيث يعكس مجمل آراء أبناء
المجتمع ويعبر عن واقع المجتمع وتحدياته . كما ينبغي أن تشترك في وضعه لجان متخصصة
تضمن لمحتوى التشريع مصداقية علمية وسلامة منهجية .
الأولوية : وتتمثل في أن تتدفق
مواد التشريع أو بنوده القانونية بحسب أهمية الموضوعات المعنية بها والقضايا
المستهدفة في التشريع بحيث تتسلسل وفق سلم أولويات ينسجم مع أولويات هذه القضايا
في السياسة العامة للدولة ، وبما يعكس خصوصية المجتمع ومطالب التنمية فيه .
- المرونة : على الرغم من كون
التشريع أداة ضابطة تستهدف توفير النظام
وتحقيق الاستقرار والانضباط في المعاملات ، وهي سمات تنحى بالتشريع نحو الديمومة
والثبات ، غير أن ذلك لا ينفي خضوع التشريع لعملية تعديل وتطوير تقتضيها بعض
المستجدات وتفرضها التحديات وتمكن التشريع من مواكبة ظروف المجتمع ومستجدات العصر
، ولا سيما ما يتعلق بالتشريع التربوي .
- الإجرائية: وتتمثل هذه الخاصية
بقابلية التشريع للتطبيق ماثلة في أن يخضع لترجمة عملية تنقله إلى مستوياته
التنفيذية المتتابعة. كأن يترجم قانون التعليم إلى لوائح تنفيذية وتنظيمية بل لا
بد أن يتبعه صدور لائحة تفسيرية توضح مضامينه.
كما ينبغي أن يكون التشريع قابلاً للتقويم والقياس ، وأن تستكمل إجراءات
المصادقة عليه من الجهات المعنية . وأن ينشر في القنوات الرسمية وأن يوزع على
المعنيين به والساعين لتنفيذه ,(المهدلي, ص73). بل إن خاصية الإجرائية ترتبط
بضمانات وإمكانات تطبيق التشريع. فلا ينبغي للدولة أن تعلن بعض المبادئ, كمبدأ
الإلزام في التعليم الأساسي, مثلا, وتقف قاصرة أو مقصرة عن توفير الإمكانات
البشرية والمادية اللازمة لتحقيق ذلك, (رضا,1990, ص98). فمهما علت مكانة التشريع
وسمت عدالته, يظل حبرا على ورق إذا لم يطبق في واقع الممارسات (شيحا,1982,ص104).
ولعل أهم الإجراءات المتعلقة بتنفيذ التشريع إنما تتمثل في توعية المعنيين بتطبيقه
وتوفر الرقابة والمتابعة لعملية تنفيذه.
- وضوح الصياغة القانونية : تعد
الصياغة القانونية الترجمة العلمية لجوهر التشريع وموضوعه إذ ينبغي صياغة التشريع
كتابياً بلغة دقيقة وواضحة بصورة قواعد قانونية صالحة للتطبيق الفعلي ذات تعبير
فني وعملي لمضمون التشريع ، وأن تكون الصياغة العامة للتشريع مشفوعة بمذكرة
تفسيرية تمكن المعنيين بالتشريع من فهم أبعاده وتفاصيل مضامينه .
تلك
كانت أبرز الخصائص التي ينبغي أن تتوافر
في التشريعات التربوية كغيرها من التشريعات ، وهي خصائص اعتمدها بعض
الباحثين والمهتمين معايير أساسية لتقويم هذه التشريعات وقياس مدى سلامتها
القانونية ، على مستوى التصور، ومدى فاعليتها العملية على مستوى توجيه الممارسات
التربوية وضبطها. وعليه فإن هذه الخصائص قد أفادت الباحث في اعتمادها معايير يقوم
على ضوئها بعملية تحليل وتقويم التشريعات التربوية اليمنية من منظور استيعابها لقضايا
الوحدة اليمنية والوطنية.
ثالثا: التربية
والوحدة كما ترصدها التشريعات التربوية في اليمن:
( أ ) خلفية تاريخية:
تمثل
الوحدة اليمنية دالة حضارية . فاليمن لم تصنع مجدها التاريخي القديم إلا في ظل
الاستقرار والأمن والسلام، ولم تتحقق لها تلك المنزلة الحضارية الرفيعة إلا في ظل وحدة
الأرض والشعب والحكم. فقد أثبت التاريخ أن اليمن في ظل الوحدة تنمو قدراتها على
استثمار خيراتها وتحقيق الرخاء لشعبها ، كما تثبت الشواهد التاريخية أن اليمن في
فترات توحدها تتحول إلى دولة رائدة في المنطقة وتعكس خيراتها على ما حولها ( القاسمي,
1987، ص172). لذلك فإن اليمن ومنذ فجر التاريخ قد شكلت وحدة سياسية واجتماعية
واحدة وكانت مصدر قوتها وازدهارها الاقتصادي وتفوقها الحضاري بين أمم وشعوب العالم
القديم, (أبو طالب,1994 ,ص22) .
وحينما
كانت تبرز نزاعات التنافس والمصالح الضيقة ، كان يتأجج الصراع والاقتتال وتشيع
الفوضى مما يؤدي إلى ضعف الدولة المركزية وتفتتها من حين إلى أخر. ولكن لم يحدث أن
استمرت اليمن ممزقة لعهود طويلة ، ومن يقرأ التاريخ يجد أن فترات التمزق والتشرذم
التي عاشتها اليمن كانت قصيرة نسبياً . ولعل ذلك ما يفسر استمرار تشبث وتمسك الشعب
اليمني وتمسكه بوحدته عبر أطول فترة عاشتها اليمن مشطرة في العصر الحديث تحت حكم
الإمامة في الشمال والهيمنة الاستعمارية البريطانية في الجنوب, (راوح,1990,ص30) . حيث
ظلت إعادة تحقيق الوحدة اليمنية مطلباً شعبياً وهدفاً وطنياً يتشبث به الشعب
اليمني عامة في كل المراحل والظروف وتحرص عليه القوى الوطنيةً كل الحرص في شمال
الوطن وجنوبه . حيث كانت الوحدة اليمنية هدفاً أصيلاً وقاسماً مشتركاً بين جميع
فصائل وتنظيمات الحركة الوطنية التي قادت حركة المعارضة ضد الإمامة والاستعمار،
(الروحاني, 2005, ص44). فقد تركزت أولويات الأهداف المشتركة بين أطراف الحركة
الوطنية في تلك الفترة حول ثلاثة أهداف رئيسة هي :
-
القضاء على النظام الملكي في الشمال .
-
التحرر من الاستعمار البريطاني في الجنوب .
-
إعادة تحقيق الوحدة بين شطري الوطن .
وبقيام الثورة
اليمنية, سبتمبر وأكتوبر, وتوسع دائرة أهدافها المنشودة, ظلت قضايا الوحدة اليمنية
ضمن الأهداف المركزية للثورة اليمنية وإن لم ترد في طليعتها. فبعد القضاء على الإمامة
والتحرر من الاستعمار, بقيام الثورة اليمنية سبتمبر1962 و أكتوبر 1963، ونيل
الاستقلال 1967 ، كان يفترض أن يتجه المسار الطبيعي نحو إعادة تحقيق الوحدة بعد
الاستقلال مباشرة ، غير أن مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية قد أعاقت تحقيق
ذلك الهدف المركزي ، وأدت بالتالي إلى تأجيل موعد تحقيقه حتى عام 1990م .
فبعد أن لاحت
بشائر التئام شمل اليمن وتوحدها أرضاً وإنساناً عقب قيام الثورة فرضت الظروف
الدولية آنذاك وسياسة الاحتواء والتبعية وسؤ الأوضاع الداخلية للبلد تقسيم اليمن رسمياً
إلى دولتين (شطرين) كل لها نظامها السياسي والاقتصادي, (الذيفاني, 1995,ص146) .
فمنذ إعلان الاستقلال، أصبح هناك, من الناحية القانونية الدولية، دولتان في إقليم
اليمن الطبيعي، وارتبط هذا الاعتبار القانوني الدولي بمجموعة من الصعوبات لعل
أبرزها تمثل في تباين النظامين عقائدياً. إذ شكلت الإيديولوجيات السياسية عائقاً
وحدودياً بكل تفرعاتها وتبعاتها ، بحيث لم تعد وحدة اليمن تحتل مركزية الأهداف
وإنما أفرغ مكانها لتحل محله مرجعية أيديولوجية النظام السياسي القائم في أي من
الشطرين . حيث كان كل نظام يرى في نفسه البديل أو النقيض للنظام الأخر, (القاسمي,1987,
ص 137) . بل إن الأمر لم يقف عند مجرد إحلال مرجعية محل أخرى، وإنما انتقلت مسألة
الوحدة اليمنية في فترة تاريخية معينة إلى قائمة الأفكار المرفوضة ولا سيما من
المنظور الإيديولوجي الذي كان سائداً في الشطر الجنوبي . مما أدى إلى استحالة توصل
النظامين بحكم ذلك التناقض العقائدي إلى اتفاق حول مسألة الوحدة اليمنية ، ومثل
صعوبة بالغة جعلت السير في طريق إعادة تحقيق الوحدة مهمة تقتضي قدراً هائلاً من
المعالجة الواعية والمسئولة, ( راوح, ص31) . وقد دلت الشواهد والتجارب في مراحل
مختلفة أن اختلال موازين هذه المعالجة في لحظة زمنية معينة كانت تنتهي إلى تردي
العلاقات بين الشطرين إلى حد التعامل بالعنف المسلح, (القاسمي, ص11) . بمعنى آخر ، نستطيع القول إن المسألة المركزية التي
تلت قيام الثورة ونيل الاستقلال تمثلت في استمرار حالة التشطير ولما يجاوز العقدين
(سليمان,1994,ص69).
غير أن تلك الفترة التشطيرية وأن شهدت أكثر من حرب وأكثر من مواجهة عسكرية
بين النظامين ، غير أنها شهدت في الوقت
نفسه, محاولات جادة لإعادة تحقيق الوحدة ، تجسدت بالعديد من اللقاءات والاتفاقيات
وعلى مختلف المستويات والصعد الرسمية والتي تكللت جمعيها بعد سنوات من الفرقة
والخصام بتوقيع اتفاقية الوحدة 1989م, ( الذيفاني, ص 147).
وإذا كان إعلان الوحدة اليمنية في 22مايو1990م نهاية
لعهود من التشطير، غير أنه لم يكن نهاية قطعية لعهود من الخصومة والتناحر, حيث
حملت الفترة التي تلت إعادة تحقيق الوحدة بكل إرث الماضي وتركته الثقيلة ، فشهدت
البلاد الموحدة أكثر من أزمة سياسية وصل الحال معها وبها بعد صعود وهبوط في مستوى
العلاقة بين شركاء المسيرة الوحدوية إلى إعلان الحرب والانفصال . وفي 7 يوليو
انتصرت الوحدة وسقط الرهان على غيرها, وانتقل اليمن الموحد معها إلى مرحلة جديد من
البناء والتطوير, ولتمثل أملا وحدويا عربيا في ظل التشرذم والتجزئة التي تعيشها
الأمة العربية, (الروحاني, ص47) .
واليوم وبعد سبعة عشرة عاماً من تحقيق الوحدة اليمنية المعاصرة لا تزال تقف
أمام هذا الحدث المصيري الكثير من التحديات التي تستوجب الوقوف عندها لتحليلها
ورصد الآليات المناسبة لمواجهتها , لعل أبرز مظاهر هذه التحديات تتجلى في تعالي
الشكوى من ضعف فاعلية الأطر التشريعية والبنية القانونية في استيعاب هذا الحدث
الاستراتيجي وتوجيه المسارات نحو ترسيخه وتجذيره ولا سيما في الميدان التربوي .
(ب) قضايا الوحدة في أهداف الثورة
والدساتير اليمنية :ـ
لم تعرف اليمن التشريعات التربوية
بمفهومها الحديث كاتجاه جديد يحكم سير العملية التربوية إلا بعد قيام الثورة
اليمنية ( سبتمبر / أكتوبر ) فقد تأثرت البنية التشريعية للنظام التربوي بالرؤية
الفكرية للنظام السياسي القائم وتجسدت بجملة من التشريعات التي بدأت بالدساتير ثم
بالقوانين لتكتمل باللوائح والإجراءات المنظمة لمسارات العملية التربوية,( الحاج ,
1999 , ص 77).
فقد
مثلت الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م مرحلة إنعتاق للشعب اليمني من حالة التخلف
والعزلة ومساوئهما المتمثلة في الظلم والجهل والفقر والمرض والتجزئة . لذلك عبرت
الثورة السبتمبرية عن آمال وتطلعات الحركة الوطنية بأهدافها الستة التي تضمنت
القضاء على الاستبداد والاستعمار وتحقيق الوحدة الوطنية, إذ نص الهدف الخامس على: "
العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة. "
ولم تكن ثورة سبتمبر إلا تتويجا طبيعيا
لمجموع النضالات والحركات الوطنية خلال التاريخ السابق لسبتمبر 1962م وبذلك شكلت
البداية العملية لمرحلة جديدة من نضالات اليمنيين في سبيل نيل الاستقلال وإعادة
تحقيق الوحدة اليمنية .
وقامت
ثورة 14 أكتوبر 1963م ضد الاحتلال البريطاني امتدادا للعطاء الوطني المشترك
وتجسيدا للمنطق الوحدوي الضارب في عمق التاريخ والقائم على أن شطري اليمن يشكلان وحدة
ثقافية اجتماعية واحدة. فجاء في الهدف الخامس من أهداف ثورة أكتوبر على المستوى
الداخلي : " أن الشعب العربي في إقليم الجنون شماله وجنوبه جزءا من الأمة
العربية , وتربطه وحدة تاريخية ونضالية ومصيرية مشتركة ".
غير
أن عبارة الوحدة الوطنية كما وردت في منطوق الهدف الخامس ضمن منظومتي أهداف الثورة
اليمنية ( سبتمبر/ أكتوبر) لم تكن حاسمة في مدلولها بشأن وحدة الشطرين في شمال
الوطن وجنوبه . إذ إن منطوق الهدف في المنظومتين ولا سيما في منظومة أهداف ثورة
سبتمبر يتسم بالضبابية والغموض , إذ إن عبارة "تحقيق الوحدة الوطنية" قد
يفهم منها الاقتصار في هذا التوجه الوحدوي على مستوى الشطر الشمالي. ناهيك عن أن
هذا الهدف جاء في المرتبة قبل الأخيرة. مما يعني أن الوحدة لم تكن ضمن الأولويات
الرئيسية لتراتب أهداف الثورة في الشطرين ,(العشملي, 2003,صص56)
وقد
علل البعض ذلك بأن اهتمام الثورة كان منصباً في الأساس بإزاحة الملكية وتثبيت
دعائم الوضع الجديد في شمال الوطن وللتقليل من مخاطر التدخل البريطاني آنذاك . إذ
كان مجرد طرح شعار الوحدة اليمنية بصرامة ووضوح كفيلاً باستنفار واستثارة ردود فعل
انتقامية سريعة من قبل المستعمر,( الغفاري, 1997,ص94), (السماوي, 2000,ص 47).
ويبرر
المقالح ذلك في أن الأحرار عندما دعوا إلى الوحدة الوطنية كان القصد من ذلك تعميق
هذه الوحدة بالقسم او الشطر " المستقل " وإن تحقق في أجزاء من القسم
الآخر ليقوم نظام مشترك بين أبناء الشعب في الشطرين تمهيداً للوحدة السياسية الكاملة
بين الشطرين. على أن لا تتم الوحدة بينهما إلا بعد التحرر من الاستعمار والاستبداد
( المقالح في الغفاري, ص 94). فالوحدة الوطنية لا تستقيم مع شطر يحتل الأجنبي أرضه.
الأمر الذي يقتضي بداهة أن تسبق الوحدة عملية تحرير الجزء المستعمر ( الفقاري, 1997,ص94),
(المولي,1985, ص57).
ويشير
بعض الباحثين إلى أن مسألة الوحدة اليمنية كانت مؤجلة, إذ كان يسبقها تحرير الجنوب
المحتل, وكانت قيادة الجبهة القومية ترى صعوبة في الحديث عن الوحدة في ضوء شطر
محرر وآخر لا يزال تحت نير الاحتلال. ناهيك عن أن اليمن بشطريها كانت حبلى بمشكلاتها
الداخلية وكانت الجهود تنحصر في تثبيت النظام الجمهوري في الشمال باعتباره المهمة
رقم واحد , وكذلك تأمين الاستقلال للجنوب كان هو الآخر أولوية قصوى لقيادة الثورة
في الجنوب (الغفاري,ص107) .
ومن
جهة أخرى, يرى بعض المهتمين بقضايا الوحدة أن العوامل الخارجية كانت هي الأساس في استمرار
حالة التشطير وتأخر تحقيق الوحدة و قيام الجمهورية اليمنية. فقد كانت هناك رغبة دولية
في عدم قيام الوحدة اليمنية، لا سيما بعد أن تبنت قيادة الجنوب التوجه الماركسي
الذي جعل الشطر الجنوبي من نصيب, ما كان يعرف بالإتحاد السوفيتي ( الغفاري , ص 109,108).
و
انعكست تلك الرؤية المستهدفة في الثورة اليمنية حول قضايا الوحدة اليمنية على الوضع
التشريعي بمختلف مستوياته , ولا سيما
التشريعات التربوية(الحاج,1999, ص69). فقد مثلت الدساتير خطوات تشريعية حديثة في
اتجاه إرساء دولة النظام والقانون وإحداث التغيير المنشود. ومع ذلك فإن الدساتير وعلى الرغم من تعدد صيغها - حيث لم يستقر الوضع الدستوري في الشطرين إلا
في مطلع السبعينات من القرن المنصرم(الذيفاني, 1995, ص 147) – نجده تلك الدساتير
تركز على قضايا محورية حددت معالمها أهداف الثورة اليمنية وأرادت من خلالها الدولة
والحكومات المتعاقبة في الشطرين إحداث التغييرات المنشودة , ولم تؤثر التعديلات الدستورية المتكررة أو الإصدارات المتتالية
للدساتير على مضمون هذه القضايا المحورية والتي تأتي في طليعتها القضايا الآتية :
1.
التأكيد على هوية الدولة وعقيدتها
2.
التأكيد على شكل النظام السياسي
3.
التأكيد على الوحدة الوطنية والوحدة اليمنية.
وما يعنينا في هذا المقام هو مضمون النقطة الأخيرة المعنية بقضايا الوحدة
اليمنية. فقد كانت هذه القضايا من القضايا المحورية التي نالت اهتمام المشرع اليمني,
وإن لم ترد في قمة سلم أولوياته التشريعية. ناهيك عن أن معظم النصوص الدستورية
اقتصر على مجرد قضايا الوحدة الوطنية على مستوى الشطر الواحد. ففي دساتير الشطر(
الشمالي)، مثلا، وردت هذه المضامين في نصوص واضحة بدءً من دستور عام 1963حتى الدستور
الدائم لعام 1970 الذي ظلت نصوصه رغم تعديلها خلال فترة السبعينات معمول بها حتى
قيام الوحدة اليمنية عام 1990.
ولعل من المفيد الإشارة إلى
أن الدساتير في( الشمال) قد توالت على النحو الآتي :
الدستور المؤقت ( 13أبريل لعام 1963م)
الدستور المؤقت ( 27أبريل لعام 1964)
الدستور الدائم (28ديسمبر لعام
1970)
ففي الدستور المؤقت لعام 1963, لم يرد أي ذكر واضح وصريح حول العمل على
تحقيق الوحدة اليمنية , وأن ما ورد من ذكر لترسيخ الوحدة في المواد (4, 5 ,6) فقد
كان المقصود منه الإشارة إلى قضايا الوحدة الوطنية في نطاق (الجمهورية العربية
اليمنية) أو الشطر الشمالي ( سابقا ) ماثلة في بث روح التضامن الاجتماعي والمواطنة
المتساوية وتكافؤ الفرص وغيره من القضايا المعنية بترسيخ الوحدة الوطنية.
وتكرر في الدستور المؤقت لعام 1964 نفس المضامين المعنية بترسيخ قضايا
الوحدة الوطنية على المستوى الشطري في المواد (5 ,6 ,7) .
أما في الدستور الدائم لعام 1970 فقد وردت قضايا الوحدة اليمنية بشكل واضح
وصريح ضمن نص المادة (5) " اليمن كل لا يتجزأ والسعي لتحقيق الوحدة اليمنية
واجب مقدس على كل مواطن." في حين وردت القضايا المعنية بترسيخ الوحدة الوطنية
في المادتين (9, 7 ) .
وتشير الوثائق الرسمية إلى أن المسار الدستوري في (الجنوب) هو أيضاً مر
بمراحل تذبذب دستورية مختلفة لعل أبرزها مرحلتان أساسيتان تعرض الدستور خلالهما
إلى تعديلين أساسين: كان الأول في عام 1970م وصار الثاني عام 1978م. ومثل هذان
التعديلان تحولا ً جوهريا ً في طبيعة النظام السياسي وهويته حيث انتقل من نظام وطني قومي في
أبعاده إلى نظام اشتراكي أممي التوجه, (سليمان, 1994, ص149).
وفيما يتعلق بقضايا الوحدة في مضامين الدساتير في الشطر الجنوبي, فقد نصت
المادة الأولى من دستور (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) ( سابقا ً ) على:
" أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية جمهورية ديمقراطية شعبية ذات سيادة
وهي دولة تعبر عن مصالح العمال والفلاحين والمثقفين والبرجوازية الصغيرة وكافة
الشغيلة , وتسعى لتحقيق اليمن الديمقراطي الموحد ولانجاز الكامل لمهام مرحلة
الثورة الوطنية الديمقراطية تمهيداً للانتقال إلى الاشتراكية ".
كما نصت المادة الثانية على "
أن الشعب اليمني شعب واحد وهو جزء من الأمة العربية, والجنسية اليمنية واحدة,
وتكون اليمن وحدة تاريخية اقتصادية وجغرافية".
غير أن
العبارة الأكثر تحديداً والأوضح تعبيرا ًعن مضامين الوحدة اليمنية
تتمثل في منطوق المادة (12) التي
تنص على أن "تعمل الدولة على إيجاد ظروف مناسبة لإقامة يمن ديمقراطي موحد
كخطوة نحو خلق ظروف موضوعية لتحقيق وحدة عربية ديمقراطية".
هكذا
يتضح لنا أن هذه الأطر الدستورية قد استوعبت الكثير من قضايا الوحدة في اليمن, عير
أن معظم ما ورد من تلك القضايا إنما كان معنيا بشؤون الوحدة الوطنية على المستوى
الشطري, وقليل منها كرس لقضايا الوحدة
اليمنية ودعا صراحة لإعادة تحقيقها. ناهيك عن أن ذلك الاستيعاب المقتضب لقضايا
الوحدة اليمنية لم يأت في طليعة المواد الدستورية كمؤشر للمكانة العالية للوحدة, و
أن السعي نحو تحقيقها كان من أولويات المشرع اليمني, وإنما جاءت تلك القضايا في
مرتبة متأخرة نسبيا لا ترقى إلى منزلة هذا الحدث المصيري. وقد انعكس ذلك الوضع الدستوري الشطري على
التشريعات التربوية في الشطرين بمزيد من الإغفال والتهميش لقضايا الوحدة اليمنية.
(ج) قضايا
الوحدة في التشريعات التربوية الشطرية:
كان
التعليم يمثل الحلقة الأضعف بين النظم المجتمعية التي ورثتها حكومة الثورة في
الشطرين ولا سيما في الشطر الشمالي , ومن ثم كان الأكثر حاجة إلى الإصلاح . لذلك نال
التعليم أولوية مرموقة, حيث كرس الجهد الأكبر لعملية تحديث التعليم وتطويره. فعلى
أثر قيام الثورة حدثت تغييرات جذرية في بنية النظام التعليمي انطلاقا من إرساء
بنيته التشريعية والقانونية. فاليمن لم تعرف التشريعات التربوية بمفهومها الحديث كاتجاه
جديد بحكم سير العملية التربوية فكراً وممارسة إلا بعد قيام الثورة, (الحاج, 1999,
ص77). حيث مثلت الدساتير خطوات تشريعية في اتجاه إرساء دولة النظام والقانون
وإحداث التغيير المنشود. فقد ظلت الموجهات التشريعية للعملية التربوية خلال العقد الأول
من عمر الثورة تقتصر على المرجعية الدستورية , إذ لم يكن هناك تشريعات ( قوانين )
تصدرها السلطة التشريعية لتوجيه مسارات المؤسسات التربوية التعليمية غير الدساتير,
باستثناء بعض القرارات والقوانين المجتزأة المعنية بتنظيم التعليم من حيث مراحله
وأنواعه,(الاغبري. 2004,ص30). وبالتالي كانت الإجراءات والممارسات التربوية آنذاك
تفتقر إلى الأطر القانونية المحددة للفلسفة والسياسة التربوية . لذلك اعتمدت
المؤسسة التربوية على النصوص الدستورية لسد هذا الفراغ التشريعي / القانوني.
واستدرك
ذلك الوضع التشريعي المجتزأ في عقد السبعينات والذي انفرد بزخم تشريعي ولا سيما في
الميدان التربوي في الشطرين على السواء , حيث تجسدت تلك الطفرة التشريعية بصدور
قانون التربية والتعليم رقم (26) لسنة 1972م في الشطر الجنوبي وقانون التعليم رقم
(22) لسنة 1974م والسياسة التعليمية في الشطر الشمالي. وفي ضوء هذين التشريعين,
صدرت بعض اللوائح المنظمة للتعليم تبعا لأنواعه ومراحله, (الأغبري, 2003,ص60).
وقد
اهتمت التشريعات بتنظيم التربية والتعليم وتوجيه مساراته على هدى من النصوص الدستورية
في الشطرين . غير أن استعراض بنود هذين التشريعين فيما يتعلق بمدى استيعابهما لقضايا
الوحدة اليمنية بل والوحدة الوطنية في ضوء المعايير سالفة الذكر, ليظهر لنا أن هذه
الأطر التشريعية كانت أكثر تغييباً وإغفالا لهذه القضايا من الدساتير نفسها.
فمن
خلال نظرة تحليلية لمنظومة المبادئ والأهداف التربوية المعلنة في القانون رقم (26)
لسنة 1972م في الجنوب (سابقا) يتضح لنا غياب أي ذكر لقضايا الوحدة اليمنية , بل أن
قضايا الوحدة الوطنية على مستوى الشطر الجنوبي نفسه لم ترد إلا في العبارات
الهدفيه الأخيرة. فقد سردت أهداف النظام التربوي في ما كان يعرف بجمهورية اليمن
الديمقراطية الشعبية في المواد (4- 5-6-7-8-9) وبفقرات أو أهداف فرعية , تصل إلى
(25) فقرة . غير أن القضايا المعنية بترسيخ الوحدة الوطنية لم ترد سوى في المادة
(9) وفي الفقرات الأخيرة منها على وجه التحديد. حيث نصت الفقرة (ي) من المادة (9)
على تشجيع الثقافة الإنسانية للتحرر من المفاهيم الفاسدة التي تروجها الامبريالية
مستعينة بأعداء التقدم والتحرر معتمدة على النزعات القبلية والعشائرية المتخلفة."
كما نصت الفقرة ( ك) وهي الفقرة قبل الأخيرة من منظومة الأهداف التربوية على
" جعل التعليم والتربية الوطنية أداة لخدمة الثورة الوطنية الديمقراطية
" .
أما
أهداف المراحل التعليمية فلم تتعرض قط لقضايا الوحدة الوطنية ناهيك عن قضايا
الوحدة اليمنية.
الغريب
في الأمر أن نص المادة (7) قد كرس لقضايا الوحدة العربية وربط اليمن – يقصد-
جمهورية الديمقراطية الشعبية, بشعوب العالم دون أي إشارة إلى استهداف تحقيق الوحدة
اليمنية, أولا, كواحد من الأهداف التي يسعى التعليم لتحقيقها, ليأتي بعد ذلك إلى
الوحدة العربية ثم الوحدة العالمية. و كان القانون قد بدأ يخضع لنوع من إعادة
النظر في مضامينه. حيث قدم مشروع برقم (121)لسنة 1987 إلى مجلس الشعب مكونا من
(65)مادة موزعة على سبعة أبواب تقضي بإيجاد نظام تربوي موحد على مستوى الجمهورية,
(الحاج, 2007, ص83).
القول
نفسه ينسحب على مضامين القانون رقم (22) لسنة 1974م في الشمال(سابقا). فمن خلال
استعراض منظومة الأهداف التربوية سواء الأهداف العامة أو الأهداف المعنية بمراحل
التعليم نجدها خالية من أي ذكر لقضايا الوحدة اليمنية. حيث تبلورت الأهداف العامة
في فصول خمسة: كرس الفصل الأول منها للأهداف الدينية المتبلورة في سبعة أهداف
فرعية , وكرس الفصل الثاني للأهداف الاقتصادية المفصلة إلى خمسة أهداف فرعية , أما
الفصل الثالث فقد وظف للأهداف الاجتماعية المتضمنة سبعة أهداف فرعية , وكرس الفصل
الرابع للأهداف القومية المتضمنة أربعة أهداف فرعية , أما الفصل الخامس والذي كرس للأهداف
التربوية, فقد تضمن أربعة أهداف فرعية, واختتمت منظومة الأهداف التربوية بجملة من
الأهداف المعنية بتعليم الفتاة وعددها أربعة أهداف.
ومن
خلال القراءة المتفحصة لهذه الأهداف , لم نجد أي هدف معني بقضايا الوحدة اليمنية ,
بل إن قضايا الوحدة الوطنية على مستوى الشطر الشمالي قد غاب استهدافها في هذه
الوثيقة المرجعية. فما ورد في منظومة الأهداف القومية ضمن المادة (5) نجده في
الأساس معنياً بقضايا الوحدة العربية وتوثيق صلة ( الجمهورية العربية اليمنية) بالأمة
العربية. فهي إشارة تكرس البعد الشطري أكثر مما توحي بضرورة السعي نحو توحيد اليمن
. و كان الأحرى الاكتفاء بكلمة"
اليمن" بدلاً من تكرار استخدام "الجمهورية
العربية اليمنية" في كثير من المواقع المؤشرة لقضايا الوحدة.
السؤال
الذي يفرض نفسه هنا هو: ألم تكن الوحدة اليمنية من الأهمية والجدارة في وعي المشرع
لأن تنال نصاً أو بندا مستقلا ً معنياً بقضايا الوحدة اليمنية والوحدة الوطنية ؟
إذ كان من الأحرى أن يخصص فصلا ًأو مجالا مستقلا ً يتضمن الأهداف الوطنية لتأتي في
طليعتها الأهداف المعنية بضرورة تحقيق
الوحدة اليمنية
من خلال استهداف تنمية وعي
المتعلمين, بل والعاملين في الميدان التربوي إجمالا بأهمية هذا الهدف النبيل
وضرورة السعي الحثيث نحو تحقيقه. لتأتي بعد ذلك جملة من الأهداف المعنية بترسيخ
الوحدة الوطنية.
وكان
ينبغي أيضا أن تكون هذه القضايا الوحدوية حاضرة في طليعة أهداف المراحل التعليمية,
وما يترتب عنها من أغراض تعليمية توجه المسارات التربوية على اختلاف مستوياتها
التنفيذية, وصولا إلى الأغراض السلوكية في واقع الممارسات التدريسية.
وعليه فإن هذين التشريعين , وعلى الرغم من
كونهما يمثلان قفزة نوعية في البنية التشريعية لنظام التعليم في اليمن, غير أنهما
ولا سيما في متغير الوحدة اليمنية لم يتسما بالثورية. فهما لم يواكبا الأطر
المرجعية الأساسية المتمثلة بأهداف الثورة والنصوص الدستورية, بل لم يجاريا
المساعي الوحدوية الحثيثة المتمثلة باتفاقيات الوحدة اليمنية , بحيث يتضمنا على
الأقل قضايا الوحدة الوطنية وفي منزلة
تليق بمكانتها وأهميتها المصيرية. إذ يبدو أن الانشغال بقضايا الصراع الإيديولوجي
بين النظامين قد أدى إلى انشغال المشرع في الشطرين عن الوعي بأهمية التقارب
والتوحد بين النظامين.
فقد
أدى الصراع الإيديولوجي إلى مزيد من تكريس
التجزئة والتشطير وعبر هذه الأطر التشريعية. حيث انشغلت تلك التشريعات بقضايا
التعبئة الفكرية الأيديولوجية وغاب عنها حدث الأحداث وهدف الأهداف ألا وهو موضوع
الوحدة اليمنية. فقد اتسم قانون التعليم في (الشمال) بأنه تشريع
يعكس التوجه الإسلامي المفرط الذي تكاد تغيب فيه القضايا الوطنية ( القطرية )
والقومية العربية. ولعل في ذلك التوجه العقائدي رسالة أو ردة فعل على مضامين
التشريع التربوي الصادر في الجنوب والذي طغت عليه التوجهات اليسارية, كما سبقت
الإشارة.
بل
إن ذلك الصراع العقائدي الذي نلحظه في هذين التشريعين والذي كرس التشطير وغيب
قضايا الوحدة اليمنية, قد أدى إلى مزيد من التهديد ليس فقط للوحدة اليمنية بل
للوحدة الوطنية, ولاسيما في الشطر الشمالي, فقد أفرز ذلك التباين الأيديولوجي
المفرط إلى ظهور متغير عقائدي جديد تمثل بما عرف بالمعاهد العلمية ( الدينية ).
فحتى
عهد ليس ببعيد , كان للنظام التربوي في اليمن ثلاث صيغ تشطيرية ذات أطر مرجعية
شديدة التباين أفرزتها الظروف غير الطبيعية التي عاشتها اليمن في الشطرين . فإلى
جانب التوجهات الفكرية التي تؤطر النظام التربوي في الجنوب والتي غلبت عليها
الصبغة الاشتراكية , والتوجهات الفكرية الإسلامية التي أطرت نظام التعليم في (
الشمال ) ساد في الشطر الشمالي نظام تعليمي بتوجهات إسلامية أكثر تشددا يختلف فكرا وتشريعا وإدارة
وتمويلا عن النظام السائد, نشأ كرد فعل للتطرف اليساري. وكانت المعاهد العلمية قد
نشأت في البداية أثناء الحرب الباردة كجزء من الترتيبات الدولية لمواجهة المد
الشيوعي في جنوب اليمن, حيث تم تركزها بداية في المناطق الوسطى باعتبارها الأكثر
عرضة للزحف الشيوعي. وكان الهدف هو محاربة الفكر بالفكر أو العقائدية "
بالعقائدية ", (وزارة التربية,2002, ص68). و أفرزت هذه التجربة مزيدا من تأجيج
الصراع الأيديولوجي الذي ظل يهدد الوحدة الوطنية لفترة طويلة ليس فقط على مستوى
الشطرين , بل وضمن الشطر الواحد.
وقد
جرت محاولات عديدة للتخفيف من حدة هذا الصراع القيمي من خلال طرح فكرة توحيد
التعليم على مستوى الشطر الشمالي انطلاقا ً من إعادة النظر في أطره المرجعية, تجلى
ذلك في بيان الحكومة لعام 1988م و ملاحظات مجلس الشورى وتأكيد العديد من المؤتمرات
والندوات والفعاليات الرسمية وغير الرسمية التي رأت أن تلك الازدواجية في التعليم
تهدد الوحدة الوطنية. غير أن هذه الجهود لم تؤت ثمارها إل في وقت متأخر. فعلى
الرغم من تعاظم الأحداث وجسامة التحديات التي شهدتها اليمن, لم يشهد هذان التشريعان
أي تعديل يذكر حتى قيام الوحدة اليمنية وعلى وجه التحديد حتى إعلان القانون رقم
(45) لعام 1992. بل إن المعاهد العلمية لم تدمج في المؤسسة التعليمية لدولة الوحدة
إلا في عام 2001.
(ه)القضايا الوحدوية في التشريعات
التربوية لدولة الوحدة:
لقد ظلت قضية تحقيق الوحدة اليمنية , كما
سبقت الإشارة , أبرز القضايا المركزية الماثلة أمام القيادتين في الشطرين وأمام
الشعب اليمني برمته , تجلى ذلك في تواتر الاتفاقات والجهود الوحدوية التي توجت
مؤخرا بإعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية 1990.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية شهد اليمن
تحولات جذرية في مختلف النظم المجتمعية تمثلت أبرزها في حدوث طفرة نوعية في البنية
التشريعية التي يأتي في طليعتها دستور الجمهورية اليمنية. فما من شك في أن وثيقة
الدستور تعد من أهم الوثائق التي تحدد القواعد والمرتكزات الأساسية لدولة الوحدة.
فالدستور وعلى تعدد صيغة المعدلة, إبريل 1991, سبتمبر 1994, فبراير2001, قد نص في
أول مواده الدستورية على أن" الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة
ذات سيادة وهي جزء لا يتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها ...". وبذلك
أقام الدستور نظاماً وحدويا ً بسيطاً , أي دولة موحدة وليس نظاماً مركباً , بمعنى
أن الوحدة اليمنية هي وحدة اندماجية وليست وحدة فيدرالية أو كونفيدرالية,( الكبسي,
2002, ص35) .
كما تضمن
الدستور عددا من المواد المعنية بترسيخ الوحدة اليمنية وتعزيز الوحدة الوطنية.
وبمقارنة مضامين دستور دولة الوحدة
بالدساتير الشطرية السابقة فيما يتعلق بقضايا الوحدة, نجد أن دستور الجمهورية
اليمنية قد وضع قضايا الوحدة في مرتبة متقدمة وفي قمة سلم أولوياته. فقد استهلت
مواد الدستور بالتأكيد على وحدة اليمن وضرورة الحفاظ عليها والسعي الحثيث نحو
ترسيخها.
ففي اليمن
الموحد كان لا بد من إزالة رواسب التشطير بدءا من توحيد الأطر التشريعية لمختلف
النظم المجتمعية التي يأتي النظام التربوي في طليعتها. انعكست تلك الجهود الوحدوية
على الميدان التربوي . إذ أسفرت اللقاءات والمناقشات من قبل لجان توحيد التعليم
قبل وبعد التوقيع على الوحدة وإعلان الجمهورية اليمنية 22مايو 1990عن توجه وحدوي
جديد يتبلور في العديد من الإجراءات أبرزها إقامة هيكل تنظيمي جديد لوزارة التربية
والتعليم وتوحيد المناهج الدراسية وإصدار بعض اللوائح التنظيمية.
وقد دعم هذا التوجه الوحدوي وأرسى بنائه
الفكري والتشريعي صدور القانون العام للتربية والتعليم رقم (45) في الحادي عشر من
أغسطس 1992 الذي أعلن ولأول مرة في تاريخ التشريع التربوي اليمني الفلسفة التربوية
الموحدة للنظام التربوي في يمن الوحدة والتي بموجبها حددت الأسس والمنطلقات
والمبادئ والأهداف الموجهة والناظمة لسير العملية التربوية . وبصدور هذا التشريع وضع
الأساس الحقيقي والإطار المرجعي والقانوني لتوحيد النظام التعليمي في يمن الوحدة.
وقد تكون هذا التشريع التربوي (
القانون ) من سبعة أبواب :
الباب الأول:
التسمية والتعاريف
الباب الثاني:
الأسس والمبادئ والأهداف
الباب الثالث:
مراحل التعليم ومهام وزارة التربية
الباب الرابع:
التعليم العالي والبحث العلمي
الباب الخامس:
التدريب المهني
الباب السادس:
تمويل التربية والتعليم
الباب السابع:
أحكام عامة.
وما يهمنا في هذا المقام هو الباب الأول كونه
المعبر الرئيس عن مضامين التشريع والقضايا المستهدفة, ولا يعني ذلك أن الأبواب
الأخرى المكونة للتشريع سوف لن تخضع للتحليل. فقد أورد القانون ما يقارب (18) مبدأ
تربويا سردت ضمن المواد (3 -14) يفترض أن تمثل المعالم الهادية والموجهة لمسارات
النظام التعليمي نحو تحقيق أهدافه المنشودة. وعند تحليل هذه المبادئ للنظر في مدى
استيعابها لقضايا الوحدة , وفي ضوء المعايير سالفة الذكر , يتضح لنا ما يلي :
اشتمل القانون على بعض القضايا
المعنية بالوحدة ضمن المادة (3) الفقرة (هـ) " اليمن وحدة لا تتجزأ وهي دولة
عربية نظامها جمهوري ديمقراطي . وحب الوطن والاعتزاز به والاستعداد لخدمته وحمايته
والدفاع عن العقيدة والوطن واجب إيماني . ولليمن تراثها الحضاري الذي يؤهلها لبناء
حضارة حديثة تسهم في تقدم الحضارة البشرية ".
كما ور د في القفرة (ي ) "
... وتنمية روح الدفاع عن العقيدة والوطن والأمة العربية والإسلامية..."
تضمن القانون أيضا ً في منظومة المبادئ جملة من القضايا المعنية بترسيخ
الوحدة الوطنية ولا سيما ما ورد ضمن المادة ( 9) " تعمل الدولة على تحقيق
العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في التعليم ومراعاة الظروف الإجتماعية
والاقتصادية التي تقف عائقاً أمام بعض الأسر للاستفادة من حق أبنائهم في التعليم
"
وفي منظومة الأهداف التربوية بصفتها المكون الأساس لهذا التشريع والمعبر
الرئيس عن الفلسفة التربوية والموجه المحوري لمسارات التعليم, أعلنت خمسة أهداف
عامة للنظام التربوي ضمن منطوق المادة الخامسة. تركز الهدف الأول حول خلق المجتمع
المتعلم المنتج , وتعلق الهدف الثاني بترسيخ العقيدة الإسلامية وتركز الهدف الثالث
حول البحث العلمي وخصص الهدف الرابع لإعداد المعلم في حين كرس الهدف الخامس
والأخير لإعداد المتعلمين لمواجهة التحديات .
وهكذا
نجد أن منظومة الأهداف العامة الكبرى للتربية والتعليم كما أعلنها القانون في يمن
الوحدة خالية من أي ذكر صريح أو ضمني لقضايا الوحدة المعنية بترسيخ هذا المنجز
العملاق وتجذيره والحفاظ عليه , بل لا نجد أي ذكر حتى لقضايا الوحدة الوطنية التي
نجد لها حضوراً في منظومة المبادئ ورصيداً في أهداف المراحل التعليمية بل ومحتوى
دراسي في المناهج التعليمية, غير أنها مغيبة في الأهداف التربوية الكبرى. فكيف
يمكن تبرير ذلك الإغفال لقضايا الوحدة في الأهداف الكبرى للنظام التربوي لدولة
الوحدة؟!
وعلى مستوى أهداف المراحل التعليمية, نجد بعض الإشارات إلى قضايا الوحدة
ولا سيما الوحدة الوطنية . فقد ورد في الفقرة (ب) من المادة (18) " حب الوطن والاعتزاز
به وحب الأسرة والمجتمع والاستعداد لكامل لتحمل المسؤولية المترتبة على التلميذ
تجاه وطنه وأسرته والمجتمع " .
وفي أهداف المرحلة الثانوية ورد في الفقرة (جـ) من المادة (21) ما يشير إلى
تنمية وعي المتعلم بقضايا شعبه ووطنه اليمن وأمته العربية والإسلامية "
وأما المواد المعنية بقضايا الوحدة ضمن أهداف التعليم الفني والتعليم
الجامعي والتعليم غير النظامي فقد أغفلت تماما.
كما ورد في بعض المواقع من التشريع بعض المواد المعنية بقضية توحيد التعليم
نفسه لكون التعليم كان في مقدمة النظم ذات الحاجة الماسة إلى الأطر التشريعية
اللازمة لتوحيده هو أولا ً, ثم لتمكينه من الوفاء بدوره حيال ترسيخ الوحدة اليمنية
والحفاظ عليها. وعليه, فقد تمثل أبرز نقاط القوة في هذا التشريع بما استهدفه في
المواد المعنية بتوحيد التعليم بمختلف صيغه الشطرية السابقة ودمج التعليم العام بالتعليم
الديني ( المعاهد العلمية). وإن جاء ذلك التأكيد في منزلة متأخرة لا تليق بمكانة
هذه القضية ,ناهيك عن أن ذلك التأكيد لم يجد طريقه إلى التنفيذ إلا في فترة متأخرة
نسبيا. فقد أكدت المادة (31) على ضرورة دمج جميع الصيغ التعليمية قبل المرحلة
الثانوية في مرحلة أساسية واحدة تسمى مرحلة التعليم الأساسي الموحد ومدتها تسع
سنوات. حيث كان شائعا في الشمال المرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية, وما
يناظرهما من تعليم في المعاهد العلمية (الدينية),كما كان سائدا في الجنوب المرحلة
الموحدة وما يناظرها من مدارس البدو الرحل الابتدائية الإعدادية.
كما
أكدت المادة (33) على ضرورة توحيد الصيغ السابقة للتعليم الثانوي حيث كان سائدا في
الشمال تعليم ثانوي من ثلاث سنوات يناظره تعليم ديني ( معاهد علمية ) وفي الجنوب
كانت سائدة المرحلة الثانوية الموحدة ومدتها أربع سنوات يناظرها تعليم ثانوي للبدو
الرحل, لتصير هذه الصيغ التعليمية المختلفة ضمن مرحلة موحدة للتعليم الثانوي تسمى
مرحلة التعليم الثانوي العام والتخصصي ومدتها ثلاث سنوات.
كما ورد تعزيز لهذا التوجه الوحدوي للمؤسسة التعليمية
في المادة (73) التي تقضي بدمج ميزانية المعاهد العلمية بميزانية وزارة التربية
والتعليم.
وإذا كان التأكيد على قضية توحيد التعليم بصفته يمثل إنجازاً وطنياً
ورافداً رئيسيا للوحدة اليمنية, ولكونه يضع نهاية حماسة للازدواجية التي عانت منها
المؤسسة التعليمية, غير أنه ظل تأكيداً نظرياً على مستوى التصور التشريعي. فعلى
الرغم من أن التعليم قد قطع شوطاً بعيداً في مسيرته الوحدوية , غير أن المعاهد
العلمية ظلت تمثل حالة استثنائية خارج المؤسسة التعليمية ولما يجاوز العقد , إذ لم
يفعل القانون في هذا الجانب إلا في عام 2001 عندما نفذت الحكومة المواد القانونية
المعنية بدمج المعاهد العلمية بمدارس
التعليم العام. ناهيك عن أن هذا التأكيد على ضرورة توحيد التعليم كأبرز مظاهر
ترسيخ الوحدة الوطنية , لم يرد ضمن أولويات نصوص القانون وتراتب مواده وإنما ورد
في مرتبة متأخرة نسبياً لا ترتقي إلى منزلة هذه القضية ومكانتها في ترسيخ الوحدة.
كانت تلك نظرة تحليلية لمدى استيعاب القانون لقضايا
الوحدة في ضوء معيار الشمول, أما فيما يتعلق بتحليل هذه القضايا في ضوء المعايير
الأخرى, فيمكن إيجازها على النحو الآتي:
- من حيث التوازن , نجد في القانون الكثير من أوجه الاختلال في تناول هذه
القضايا ضمن مكونات التشريع , فقد ورد الكثير من القضايا الوحدوية في منظومة
المبادئ في حين خلت منظومة الأهداف ولا سيما الأهداف العامة من أي ذكر لقضايا
الوحدة .
- من حيث الأولوية , نجد أن ورود هذه القضايا وعلى قلتها واختلال الأوزان
في تناولها , قد جاء في مرتبة متأخرة نسبياً لا تليق بهذا الحدث التاريخي المصيري
فإذا كان الدستور قد أستهل مواده بالتأكيد على وحدة اليمن, وذلك ضمن منطوق المادة
الأولى , غير أن القانون قد أورد هذه القضايا في مواقع متأخرة نسبياً وبما يشير
إلى أنها لم تكن ضمن الأولويات البارزة في ذهن المشرع .
- وفيما يتعلق بمعيار الاتساق ,
نجد أن القانون يفتقر إلى استيعاب هذا المعيار سواء على مستوى مكوناته أو على
مستوى اتساقه مع النصوص الدستورية أو مع اللوائح التربوية الأخرى . فعلى مستوى مكونات
القانون , نجد أن الكثير من قضايا الوحدة قد وردت في المبادئ , غير أنها لم ترد في
الأهداف التي يفترض أن تكون بمثابة الجانب الإجرائي للمبادئ بحيث تستوعب من قضايا
الوحدة ما يفوق عدد القضايا المستوعبة في المبادئ . كما نجد أن مواد القانون المعنية
بقضايا الوحدة لا تتواكب مع المنزلة أو المرتبة التي نالتها قضايا الوحدة في
الدستور و التي جاءت في قمة سلم أولويات النصوص الدستورية .
- ومن حيث
الخصوصية, نجد أن التشريع التربوي لم يبرز خصوصية اليمن الموحد بحيث يعكس هذا
الحدث في كثير من مواده. فالوحدة اليمنية والتجربة الديمقراطية تعدان من أبرز
الأحداث المصيرية التي تعكس الخصوصية والتفرد للدولة اليمنية المعاصرة. ومع ذلك
أشار التشريع إلى هذين الحدثين في بعض المواقع وغيبهما في مواقع كثيرة, وعلى نحو
لا يعكس خصوصية الجمهورية اليمنية.
- ومن حيث المرونة في التشريع ,
نجدها أيضاً غائبة نسبياً , ذلك أن التشريع ومنذ صدوره في 1992 لم يطرأ عليه أي تعديل يذكر على الرغم من
جسامة التحديات وتعاظم الأحداث التي مرت بها دولة الوحدة , والتي تأتي في مقدمتها
أحداث حرب الانفصال , وما تشهده اليوم الوحدة اليمنية من تحديات على المستوى
الداخلي والخارجي.
- وفيما يتعلق بالمصداقية, نجد
أن القانون قد واجه الكثير من جوانب الامتعاض والتحفظ عليه. تجلى ذلك في احتدام
الجدل حوله في مجلس النواب إذ كان مشروع هذا القانون هو المشروع الخامس الذي قدم
للمجلس ودار حول الكثير من الجدل واللغط السياسي. ناهيك عن أن رئيس الجمهورية لم
يصادق عليه, وبالتالي فإن مصداقية التشريع ونفاذه تتجلى في أنه نافذ بقوة الدستور
طالما أن الرئيس لم يعلن موافقته أو رفضه للقانون خلال تسعين يوماً من صدوره.
ـ ومن حيث الإجرائية , نجد أن هذا القانون لم يترجم النصوص الدستورية
المتعلقة بقضايا الوحدة اليمنية إلى مواد أكثر إجرائية في الجانب التربوي. كما أن
القانون لم يترجم إلى لوائح إجرائية وتنظيمية تمهد لتنفيذه في واقع الممارسات,
فالتشريع وكما سبقت الإشارة , لم ينل رضا القيادة السياسية بدليل عدم مصادقة رئيس
الجمهورية عليه , وبالتالي ظل عند محض التصور التشريعي المجرد الذي قلما يجد له
نوعاً من التأثير ولو في أدنى المستويات في واقع الممارسات التربوية. فالكثير من
جهود التطوير والإصلاح للنظام تكاد تخلو من أي إشارة إلى هذا التشريع . ناهيك عن
أن القانون يفتقر إلى السياسة التربوية التي كان من شأنها أن تنقل مضامينه إلى
مرحلة أكثر إجرائية ووفق سلم أولويات يتواكب مع سلم أولويات السياسة العامة للدولة
ولا سيما في القضايا المعنية بالوحدة اليمنية وتضمن له الاتساق والانسجام مع النصوص
الدستورية. كما أن الكثير من استراتيجيات تطوير التعليم على مختلف مراحله وأنواعه
تكاد تخلو من أي ذكر لهذا القانون . فهي استراتيجيات تفتقر إلى أي سند مرجعي
قانوني علاوة على ذلك فأن القانون لم ينشر على المستوى التربوي إذ اقتصر نشره على
مستوى الجريدة الرسمية , وكان من الأحرى أن ينشر بوثيقة ملحق بها لائحة تفسيرية
وعلى نحو من الإجرائية , على أن يوزع لكافة العاملين في الميدان . فالكثير من التربويين
والمهتمين لا يعلمون بهذا القانون وإذا علموا به, لم يتمكنوا من الإطلاع على
مضامينه.
تلك
كانت أبرز جوانب تحليل قضايا الوحدة كما وردت في قانون التعليم لدولة الوحدة في
ضوء بعض المعايير المتعلقة بمنهجية بناء التشريع. أما ما يتعلق بالصياغة اللغوية
لمواد التشريع ونصوصه , ماثلة بالدقة والوضوح والتسلسل , فيمكن القول أن معظم مواد
التشريع المعنية بقضايا الوحدة قد صيغت بأسلوب ضمني غير مباشر وقليل منها ما صيغ
بأسلوب صريح وواضح , إذ إن الكثير من القضايا الوحدوية قد كتبت بعبارات فضفاضة
وغاية في العمومية . ناهيك عن أنها تفتقر إلى التسلسل والاتساق فيما بينها . ولعل
ذلك يرجع إلى غياب اللوائح التفسيرية التي كان ينبغي أن تلحق صدور التشريع.
وعليه يمكن القول أن هذا التشريع وبما تضمنه
من القضايا الوحدوية وعلى الرغم من أن هذه القضايا لم تكن ذات أولوية مقارنة بغيرها من القضايا السياسية
والعقائدية والاجتماعية والاقتصادية , وعلى الرغم أيضاً من كثرة المأخذ عليه من
الناحية التشريعية المنهجية , نجد أن أبرز نقاط الضعف فيه تمثلت في أنه ظل بعيداً
عن التأثير في واقع الممارسات التربوية . ذلك أن هذا التشريع لم تستكمل الإجراءات
الرسمية لتنفيذه حتى الآن , فالقانون لم يفعل منذ صدوره في 1992 باستثناء ما تعلق
بالمواد المعنية بدمج المعاهد العلمية بالتعليم العام التي نفذت فعلاً منذ عام
2001 كما سبقت الإشارة, ليظل القانون جامداً على الرغم من ضخامة التحديات التي
تواجهها دولة الوحدة ولاسيما على المستوى التعليمي . لذلك ظل النظام التربوي من
الناحية القانونية يعاني من فراغ تشريعي وغياب للأطر القانونية الموجهة لمساراته والمحددة
لاختياراته.
وفي
ظل هذا الفراغ المرجعي ظهر ما يعرف بوثيقة المنطلقات العامة للمناهج التي جاءت في
فترة حرجة كان القائمون على النظام التربوي خلالها , ولا سيما معدو المناهج
التعليمية , يفتقرون إلى الأطر القانونية والموجهات المرجعية الموحدة. ومن هنا
مثلت تلك الوثيقة مخرجاً عملياً لتلك الأزمة التشريعية. كما أن الوثيقة شكلت خطوة
إجرائية نحو ترجمة بنود القانون إلى مرحلة أكثر إجرائية وملامسة للواقع التربوي,.
إذ أنها تضمنت جملة من المبادئ والأهداف الأكثر إجرائية في معظمها معززة بالخطة
الدراسية للمواد. وإن كانت في كثير من بنودها قد تأثرت بمضامين قانون عام 1974
أكثر من تأثرها بقانون 1992.
غير أن
نظرة تحليلية لمضامين هذه الوثيقة وما اشتملت عليه من القضايا الوحدوية وفي ضوء المعايير
السابق استخدامها في تحليل القانون تعطينا العديد من الملاحظات لعل أبرزها :
- لقد تضمنت
الوثيقة عدداً من الأسس سردت في (32) فقرة, فقط أربع منها تعرضت لقضايا الوحدة اليمنية
وبشكل مباشر هي:
الفقرة (21)
" اليمن وحدة لا تتجزأ , وهي دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة"
الفقرة (22) " الشعب اليمني جزء لا يتجزأ من
الأمة العربية والإسلامية "
الفقرة (25 ) " الدفاع عن العقيدة وسيادة الوطن واستقلاله
ووحدته وأجب إيماني "
الفقرة (26) " الشعب اليمني وحدة متكاملة تقوم
على التعاون ولا مكان فيها للتعصب المذهبي أو المناطقي أو الطائفي أو القبلي أو
الأسري أو الحزبي "
- أما
الأسس الأخرى, الواردة في النقاط (26 -27 -28 – 29) فقد عنيت بترسيخ الوحدة
الوطنية بما يتطلب من بث روح التعاون والمساواة والتكافل والعدالة الاجتماعية وتنمية
الولاء والانتماء للوطن.
- وفي
مبادئ السياسة التربوية لم يرد أي ذكر لقضايا الوحدة وفي منظومة الأهداف العامة
الواردة في الوثيقة وعددها (19) هدفاً عاماً لم يرد أياً من القضايا المعنية
بترسيخ الوحدة اليمنية وتنمية الولاء الوطني باستثناء ما ورد في الهدف السادس الذي
أشار ضمناً إلى تمكين المتعلم من فهم قضايا مجتمعه اليمني وأمته العربية
والإسلامية , وإدراك خطورة التحديات التي تواجهها وضرورة التصدي لها .
- كما ورد
في الهدف (13) استيعاب القضايا الوطنية وطبيعة النظام السياسي والاقتصادي والممارسة
الديمقراطية والالتزام بأداء الواجبات والتمسك بالحقوق الخاصة والعامة , وتحمل
المسؤولية واحترام حقوق الآخرين والدفاع عنها "
وتحت ما يسمى بالأهداف والكفايات المرحلية , سردت
جملة من القضايا الوحدوية في الأهداف الخاصة بمراحل التعليم . فقد سرد (22) هدفاً
خاصاً بمرحلة التعليم الأساسي , كرس فقط ثلاثة أهداف منها لقضايا الوحدة وهي :
الهدف (4) " حب الوطن والاعتزاز به وحب الأسرة
والمجتمع "
الهدف (5) " الاستعداد الكامل لتحمل المسؤوليات
المترتبة عليه تجاه وطنه وأسرته ومجتمعه"
الهدف ( 12 ) " التعرف على ملامح النظام السياسي
الوطني والاعتزاز بالثورة والجمهورية والوحدة "
- وفي
مصفوفة الكفايات المتعلقة بمرحلة التعليم الأساسي والتي توزعت على عشرة مجالات لم
يرد أي ذكر لقضايا الوحدة سوى في مجالين فقط هما المجال المعرفي المكون من (11)
فقرة , إذ تعرضت الفقرة قبل الأخيرة لقضايا الوحدة, حيث تنص على " فهم واقع
وطنه وأمته العربية والإسلامية وقضاياها ويشعر بالمخاطر التي تهددها بحسب مرحلة نموه
" وورد في الفقرة (3) من المجال العاطفي أو مجال النمو الوجداني والقيمي
المكون من (12) هدفاً ورد مانصه " يعتز بوطنه وأمته العربية والإسلامية
"
- وفي
الفقرة (8) من نفس المجال ورد نص مباشر عن الوحدة " يعتز بالثورة والجمهورية
والوحدة ويقدر تضحيات الشعب اليمني في سبيلها جميعا ً "
- أما في
المجالين المعنيين أصلاً بقضايا الوحدة وهما المجال الاجتماعي والمجال الوطني
والقومي , فلم يرد فيهما أي ذكر لقضايا الوحدة, باستثناء إشارة عرضية جاءت في آخر
قائمة الكفايات المعنية بمجال النمو الاجتماعي والمتمثل بالفقرة ( 11) التي تنص
على " يشعر بهويته اليمنية والعربية والإسلامية ويعتز بها "
- فيما
يتعلق بأهداف المرحلة الثانوية, فقد كرس لهذه المرحلة (21) هدفاً لم يرد فيها أي ذكر
صريح ومباشر لقضايا الوحدة سوى في الهدف (19) الذي ينص على " إدراك طبيعة
النظام السياسي وتقدير نضال الشعب اليمني في سبيل الثورة والجمهورية والوحدة
"
- وردت
إشارات ضمنية غير مباشرة عن الوحدة الوطنية في الهدف (7) الذي ينص على " أداء
واجباته والتمسك بحقوقه والدفاع عن حقوق الآخرين والعمل بروح الفريق الواحد ".
ونص الهدف (9) على " التفاعل الواعي مع مشكلات وقضايا مجتمعه وأمته والإسهام
في حلها "
- في
مصفوفة الكفايات الخاصة بهذه المرحلة والتي توزعت هي الأخرى على مجالات عشرة , لم
يرد فيها ذكر واضح وصريح لقضايا الوحدة التي يتوقع أن يتمثلها المتعلمون , سوى ما
ورد ضمن كفايات المجال المعرفي , في الفقرة العاشرة منه التي تنص على " يدرك
النضال الشعبي لتحقيق الاستقلال والجمهورية والوحدة. كما ورد في مجال النمو
الاجتماعي في الفقرتين (10) ,(12) ما يشير إلى ضرورة ترسيخ الوحدة الوطنية .
- وفي
المجال الوطني والقومي فقد وردت قضايا الوحدة في ثلاث فقرات, هي :
- الفقرة
(3) التي تنص على " يتحمل المسؤولية تجاه وطنه ويحرص على أمنه واستقراره
وثرواته ويحمي انجازاته وممتلكاته "
- الفقرة
(4) يقدم المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية ويؤمن بالتضحية من أجل الصالح العام
"
- الفقرة
(5) " يعتز بوطنه وأمته العربية والإسلامية ويسهم في خدمتها والتقارب بين مجتمعاتها "
- وكانت
الفقرة (8) أكثر وضوحاً وصراحة حول الوحدة ولكن ببعديها القومي والإسلامي , إذ تنص
" يشجع ويسعى للتضامن العربي والإسلامي والتعاون بين الأقطار العربية
والإسلامية , والعمل على توحيدها في مجالات الحياة المختلفة."
هكذا يتضح لنا أن هذه الوثيقة وإن كانت قد
مثلت ترجمة إجرائية لمضامين قانون التعليم ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الوحدة , إذ
نجدها قد تضمنت عدداً كبيراً نسبياً من القضايا الوحدوية وفي مواقع كثيرة منها ,
غير أنها وقعت بنفس الهفوات التي وجدناه في القانون , فالوثيقة قد شملت بعض قضايا
الوحدة ولا سيما المتعلقة بترسيخ الوحدة الوطنية , غيران ذلك الاشتمال لم يأت في
منزلته المتقدمة وبالتالي لم تنل قضايا الوحدة أولوية في تراتب مضامين الوثيقة
ترتقي إلى منزلة وسمو هذا الحدث , وإنما وردت في مرتبة متأخرة وفي مواقع متناثرة
وبلغة ضمنية وغاية في العمومية في كثير من المواقع . وبالتالي فإن هذه الوثيقة
وعلى أهميتها في توجيه مسارات القائمين على إعداد المناهج الدراسية , فإنها كررت
نفس الهفوات التي سبق التعرض لها عند تحليل القانون .
وإذا
ما حاولنا مقارنة التشريع التربوي اليمني ببعض التشريعات التربوية في البلدان العربية ولا سيما من حيث تناولها
لقضايا الوحدة ,سواء الوحدة الوطنية على المستوى القطري أو الوحدة العربية على
المستوى القومي, فإن هذه التشريعات وعلى الرغم من أن هذه البلدان لم تعش حالة من
التشطير كما عاشتها اليمن ولم تمر بتجربة وحدوية تعيدها إلى مسارها الصحيح كما
تعيشها اليمن اليوم , فالوحدة بين مصر وسوريا, مثلاً, كانت وحدة بين قطرين عربيين
في حين أن الوحدة اليمنية تمت بين شطرين ضمن اليمن الطبيعي الواحد . ومع ذلك نجد
أن الكثير من التشريعات التربوية في بعض البلدان العربية قد رصدت لقضايا الوحدة
الوطنية العديد من المواد وجعلتها في منزلة رفيعة ومرتبة متقدمة وضمن أولوياتها
الكبرى. حيث جاءت في قمة سلم أولويات هذه التشريعات ولا سيما في تشريعات بعض الدول ذات الشطحات القومية
المفرطة كعراق صدام حسين وسوريا وليبيا والأردن ومصر, بل إن التشريعات التربوية في
هذه الدول كرست مجالات مستقلة في منظوماتها الهدفية لاستهداف قضايا الوحدة الوطنية
والقومية وفي طليعة المجالات المعنية بأهداف النظم التربوية في هذه البلدان.
رابعا ً: الاستنتاجات و التوصيات والمقترحات:
(ا) الاستنتاجات:
ـ تمثل الوحدة الوطنية هدفا استراتيجيا على قدر كبير
من الأهمية لمختلف دول العالم ولا سيما في هذا العصر الذي تكاد تختزله ظاهرة
العولمة بما لها من تبعات تأتي في طليعتها ظاهرة التشطي والانهيار لكثير من
الأشكال الوحدوية, ولاسيما في الدول العربية والإسلامية.
ـ يعد النظام التربوي أبرز النظم المجتمعية المعنية
بترسيخ الوحدة الوطنية والحفاظ عليها.
ـ إن قيام النظام التربوي بمهامه الوحدوية على خير
صورها إنما يتوقف على مدى امتلاكه أطرا ً تشريعية فاعله تضمن له الوحدة والتجانس
وتمكنه من الإسهام الفاعل في ترسيخ الوحدة وتجذيرها والحفاظ عليها.
ـ لكي يغدو التشريع التربوي مصدراً قانونيا ً ملزما ً
وأداة فاعله في تسيير العملية التربوية, لا بد أن تتوافر فيه جملة من الخصائص
والمعايير التي تضمن له السلامة المنهجية في البناء والترجمة الإجرائية في واقع
الممارسات الميدانية.
ـ على الرغم من أن تحقيق الوحدة اليمنية ظل هدفاً
أصيلاً من أهداف الثورة اليمنية وقاسماً مشتركاً لنصوص الدساتير اليمنية الشطرية ,
غير أن ذلك الاستهداف لم يأت في طليعة أهداف الثورة اليمنية ولا ضمن أولويات
النصوص الدستورية الشطرية, مقارنة بما وضع لها من أولوية في دستور دولة الوحدة.
ـ لم تعرف اليمن التشريعات التربوية بمفهومها الحديث كاتجاه
جديد يحكم سير العملية التربوية الأبعد قيام الثورة اليمنية ( سبتمبر م أكتوبر ).
ـ على الرغم من اشتمال التشريعات التربوية الشطرية
لبعض القضايا الوحدوية, غير أن الكثير من تلك القضايا إنما كانت معنية بترسيخ
الوحدة الوطنية على المستوى الشطري ونادراً ما تم التعرض للقضايا المعنية بضرورة
إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
ـ لقد أدى انشغال التشريعات التربوية الشطرية بقضايا
التعبئة الفكرية والصراع الأيديولوجي إلى تغييب أو إغفال الكثير من قضايا الوحدة
اليمنية .
ـ نالت الوحدة اليمنية منزلة رفيعة متقدمة في دستور
الجمهورية اليمنية لم تجد لها صدى مماثلاً ومضامين منظرة في التشريعات التربوية.
ـ لقد أدت الوحدة اليمنية إلى تحولات جذرية في النظام
التعليمي تمثلت أهمها في حدوث قفزة نوعية في البنية التشريعية ماثلة بصدور القانون
العام للتربية والتعليم رقم (45) لسنة 1992.
ـ على الرغم من أن قانون التعليم في دولة الوحدة قد استوعب
بعض القضايا الوحدوية غير أن ذلك الاستيعاب لم يأت على درجة من الأهمية والأولوية
التي تليق بمكانة هذا الحدث ومنزلته الرفيعة. ناهيك عن أن ذلك الاستيعاب لا يتسق
مع القاعدة الدستورية التي استهدفت هذه القضايا في أول مواد الدستور.
ـ وجود اختلال في أوزان القضايا الوحدوية مقارنة
بالقضايا العقائدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغير من القضايا المتضمنة
في التشريع بل إن هذه الأوزان تكاد تكون مختلة على مستوى مكونات التشريع نفسه فما
ورد من قضايا وحدوية في منظومة الأسس والمبادئ لم نجد لها ذكر أو انعكاس مماثل في
منظومة الأهداف .
ـ على الرغم من كثرة المأخذ المنهجية الماثلة في عدم
وفاء التشريع باستيعاب المعايير والخصائص المعتمدة في بناء التشريع على مستوى التصور
نجد هذا القانون ضعيف الصلة بما يدور في واقع الممارسات . فالتشريع وعلى الرغم من أنه
نافذ بقوة الدستور غير أنه مغيب في الواقع العملي. وبالتالي لم تفعل مواده منذ
صدوره, باستثناء ما طبق منها من مواد متعلقة بدمج المعاهد العلمية بمدارس التعليم
العام 2001 كاستدراك لمخاطر بقاء هذه المعاهد خارج إطار المؤسسة التعليمية الرسمية
ولما بدأت تتركه من تهديدات حقيقية للوحدة الوطنية.
ـ لم يشهد القانون أي تعديل لمواده منذ صدوره عام
1992 على الرغم من جسامة الأحداث وخطورة التحديات وضخامة الهزات التي تعرضت لها
الوحدة اليمنية وعلى وجه التحديد ما شهدته دولة الوحدة من حرب صيف 1994 وما تشهده
اليوم من تحديات خطيرة داخليا ً وخارجيا ً, ناهيك عن جمود التشريع عدم مواكبته للدستور
الذي شهد العديد من التعديلات ولا يزال يشهد الكثير منها حتى اليوم .
(ب)
التوصيات:
في ضوء ما أسفرت عنه الخلفية النظرية واستنادا إلى
معطيات الدراسة التحليلية وما تم التوصل إليه من استنتاجات نهائية , يمكن رصد بعض
التوصيات الإجرائية التي يمكن أن تسهم في تفعيل دور البنية التشريعية في توجيه
مسارات العملية التربوية نحو الوفاء بمهامها المعنية بترسيخ الوحدة اليمنية , ولعل
أهم هذه التوصيات :
1.
إعادة النظر في القانون العام للتربية والتعليم رقم (45) لسنة 1992 من حيث:
ـ إعادة صياغة القانون بما يجعله يستوعب القضايا
الوحدوية على نحو من الأولوية والاتساق مع القاعدة الدستورية والاستهداف الواضح
والصريح للقضايا الوحدوية.
ـ ترجمة القانون إلى لوائح إجرائية وإصدار لائحة
تفسيرية لمضامينه وبنوده القانونية.
ـ نشر القانون في كتيب ثم توزيعه على العاملين في
الميدان التربوي على اختلاف مستوياته التنفيذية.
2.
عقد ندوات وفعاليات توعوية حول التشريع وأهميته في ضبط العملية التربوية
3.
عقد ندوات ومؤتمرات وبرامج توعية حول الوحدة الوطنية وتجذير الوحدة اليمنية.
4.
تضمين المقررات والفعاليات الجامعية ولا سيما المتطلبات الجامعية بعض
القضايا المعنية بترسيخ الوحدة اليمنية وضرورة الحفاظ عليها .
5.
تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في توعية المواطنين بقضايا الوحدة اليمنية
وخطورة التحديات التي تمر بها.
(ج) المقترحات :
-إجراء دراسة تحليلية لقضايا الوحدة المتضمنة في المناهج الدراسية
-إجراء دراسة مقارنة لقضايا الوحدة في التشريعات التربوية اليمنية
والتشريعات التربوية في بعض البلدان العربية
-إجراء دراسة تحليلية لقضايا الوحدة في برامج الأحزاب والتنظيمات السياسية
اليمنية.
-إجراء دراسة تحليلية لقضايا الوحدة المستهدفة في الاستراتيجيات الوطنية لتطوير
التعليم.
-إجراء دراسة تحليلية لقضايا الوحدة في إستراتيجيات التعليم العالي والبحث
العلمي.
قائمة
المراجع
-إبراهيم , حسين توفيق (1999) "العولمة : الأبعاد والانعكاسات السياسية
,مجلة عالم الفكر , العدد
-أبو طالب ,حسن .(1994) " الوحدة اليمنية " ,بيروت : مركز دراسات
الوحدة العربية .
-الأغبري , بدر سعيد (2003)" التربية والتعليم في اليمن" , صنعاء:
مطابع شركة النور.
- =
, = =
(2004) " إصلاح التعليم وتطويره في اليمن", صنعاء:دار الشوكاني.
-آل حمادة, حسن, (2007) " الإصلاح
السياسي والوحدة الوطنية", الانترنت
-باعباد , علي هود .(1992) " التعليم في الجمهورية اليمنية : ماضيه ـ
حاضره ـ مستقبله", صنعاء: منشورات جامعة صنعاء.
-بدوي , أحمد زكي , (1978) " معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية , بيروت :
مكتبة البيان .
-بناني , طلال صالح ,وصدقة يحي فاضل ,(1996) " الدستور والوضع الدستوري
الحالي في الوطن العربي " , مجلة البحوث والدراسات العربية , العدد 26
ديسمبر 1996.
-البسام , عبد العزيز إبراهيم , (1975) " التشريعات التربوية لوزارة
التربية في الجمهورية العراقية في خمس سنوات 1970-1975" ,بغداد وزارة التربية
.
-الجمهورية العربية اليمنية ," الدستور الدائم 1970م"
-الجمهورية العربية اليمنية , وزارة التربية والتعليم ," القانون العام
للتربية والتعليم رقم 22 لسنة 1974 "
-جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , "دستور جمهورية اليمن
الديمقراطية الشعبية 1970"
-جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , "قانون التربية والتعليم رقم
(26) لسنة 1972"
-الجمهورية اليمنية , "دستور الجمهورية اليمنية "
-الجمهورية اليمنية , وزارة الشؤون القانونية ," القانون العام للتربية
والتعليم رقم (45) لسنة 1992"
-الحاج , أحمد علي (1999)" التعليم اليمني : جذور تشكله واتجاهات
تطويريه" , صنعاء : دار الفكر المعاصر .
- = , =
= = , (2007), " مسيرة
تحديث التعليم في اليمن حتى الوقت الحاضر", صنعاء: مؤسسة لأبرار
للنشر والتوزيع.
-الحجري , سالم سعيد , (2003) " التشريعات التربوية في سلطنة عمان
وأثرها في تطور التعليم , رسالة دكتوراه غير منشورة , جامعة الزيتونة ,
تونس .
-الحلي , أحمد حقي , وآخرون (1986) " مبادئ التربية " بغداد ,
جامعة بغداد .
-حنا, عزيز, (1979), " مطالب الوحدة العربية على التعليم", مجلة
المستقبل العربي, العدد (8).
-الذيفاني , عبد الله أحمد , (1995)" التعليم في اليمن : نظامه ـ بنيته
ـ تطوره " تعز: منشورات جامعة تعز.
-الذيفاني , عبد الله أحمد , (2001) " الوحدة قيمة تربوية , الندوة
الوطنية : اليمن : وحدة الأرض والإنسان عبر التاريخ 12-14فبراير 2001, جامعة
عدن .
-راوح , عبد الوهاب , (1990) " الوحدة اليمنية" : قراءة ابستمولوجية
,مجلة اليمن الجديد , العدد الخامس , لسنة 1990(19) مايو .
- رشوان , حسين
عبد الحميد ,(1994) " التربية والمجتمع " الإسكندرية : مؤسسة شباب
الجامعة .
-رضا , محمد جواد , (1990) " السياسات التعليمية في دول الخليج العربية
" عمان : منتدى الفكر العربي .
-الروحاني , عبد الوهاب ,(2005) " الجذور التاريخية للوحدة اليمنية
" مجلة الثوابت العدد (40) أبريل ـ يونيو 2005
-سليمان , كرامة مبارك (1994) " التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من
اليمن " ,جـ 2 صنعاء : مركز الدراسات والبحوث اليمني .
-السماوي , حكيم عبد الوهاب ,(2000)" الوحدة اليمنية وتعزيز الأمن
والسلم الدوليين", مجلة الثوابت
, العدد 21لسنة (2000) .
-الشريف ,محمد أحمد وآخرون ,( 1978) " إستراتيجية تطوير التربية
العربية " ,تونس : المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم .
-شيحا, إبراهيم عبد العزيز, (1982) " المبادئ الدستورية العامة",
بيروت: الدار الجامعية للطباعة والنشر.
-عبد الدائم, عبد الله ,( 1988) " التربية والعمل العربي المشترك
" بيروت : دار العلم للملايين .
-عبد الرحيم , خالد , (1984) " بعض وجوه أزمة التربية العربية " ,
مجلة شؤون عربية , العدد 36, فبراير 1984.
-العشملي , محمد أحمد ,(2003) " الفلسفة السياسية والدستورية لدولة
الوحدة اليمنية " , صنعاء: مركز النهار للدراسات السياسية.
-الغفاري , علي عبد القوي , (1997) " الوحدة اليمنية : الواقع والمستقبل ", مجلة الثوابت
, الكتاب العاشر 1997.
-القاسمي , خالد بن محمد , (1987) " الوحدة اليمنية إرادة شعب ",
الشارقة : دار الثقافة العربية .
-الكبسي , أحمد محمد , ( 2004)
" نظام الحكم في الجمهورية اليمنية " , صنعاء: منشورات جامعة صنعاء.
-مغيث, كمال حامد, (1997), " تقرير عن ندوة " التعليم وتحديات
الهوية الوطنية", مجلة المستقبل العربي, العدد(218).
-الملحم , إسماعيل , (1984) " التربية ووحدة الشخصية القومية للأمة
العربية " , مجلة شؤون عربية , العدد 36, فبراير 1984.
-مهدلي , محمد محمود , (1998) " التشريع الاجتماعي والخدمة الاجتماعية
" , القاهرة : دار المعرفة الجامعية .
-المولي , محمد راشد , (1985) " تطور التشريع والقضاء في الجمهورية
العربية اليمنية " , صنعاء : وزارة الإعلام والثقافة .
-الهبوب , أحمد غالب , (2000) " تقويم الأهداف التربوية للنظام التربوي
في اليمن " , أطروحة دكتوراه غير منشورة , الجامعة المستنصرية , بغداد
.
-وزارة التربية والتعليم " التقرير السنوي 2002"
-تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني (2003)" نحو إقامة مجتمع
المعرفة"
-وزارة التخطيط والتعاون الدولي (200) " تقرير التنمية البشرية :
المعرفة , الثقافة , التعليم والمعلوماتية"
- وزارة
التربية والتعليم , (1995)" المنطلقات العامة لمناهج التعليم العام ".
-Card, Robert, (et al), (1979)
"Political Sciences: An Introduction", Englewood Cliffs, NJ:
Prentice-Hull,Inc.
-Cremin, Lawrence, (1957), "The Republic & The School: Horace
Man on the Education of Free Man", New
York : Teachers College Press.
-Villegas-Reimers, Eleanor, (1997), "Moral Education, Civil Education
& the Modern School :
International Hand Book of Education &Development Preparing Schools,
Students and Nation for the Twenty-First Century", New York : Elsevier Science Inc.
-USA , Dept. of
Education, (1990), " America 2000: An Education Strategy", Washington , DC .
Dept of ED.